يدخله الباطل إلى يوم القيامة ، ومثل هذا لا يصح أن يكون حجة في أمد محدود ، بل يكون متَّبعاً ، بلا حدّ ، لأنّ خاصِّيَّة الحقِّ المُطلق ، والمصون عن تطرق الباطل مطلقاً ، هو كونه حجة لا إلى حدٍّ خاص ، والله سبحانه تعهد في الذكر الحكيم بإحقاق الحق وإبطال الباطل ، كما قال : ( لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) (١) .
وبعبارة أخرى : إنّ الشريعة الجديدة ، إمّا أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقّة ـ كما نصّت الآية ـ التي لا يقارنها ولا يدانيها الباطل ، أو غيرها ، كلّاً أو جزءً .
فعلى الأول ، يكون إنزال الشريعة الثانية لغواً .
وعلى الثاني ، تكون كلتا الشريعتين حقّة ، فيلزم كون المتناقضين حقّاً ، وهو غير معقول .
فالآية صريحة في نفي أي تشريع بعد القرآن ، وشريعة غير الإسلام ، فتدلّ بالملازمة على نفي النبوة التشريعية بعد نبوته .
نعم ، الآية لا تفي بنفي النبوة الترويجية ، التبليغية ، لغير شريعة الإسلام ، وإنّما المتكفل له هي الآية الأُولى .
* * *
قال سبحانه : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ، قُلِ اللَّـهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (٢) .
فالآية صريحة في أنّ النبي صار مأموراً بالإنذار ، بقرآنه ، لكل من بلغه
__________________
(١) سورة الأنفال : الآية ٨ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٩ .