كانت تسير دهراً طويلاً في مدارج التدرج ، بِمَنْحِ نُبُوّة بعد نُبُوّة ، وإنزال شريعة بعد شريعة .
والدليل على أنّ المراد من الكلمة ، الشرائع الإلهية ، هو قوله : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) ، أي جعلكم مقتفين لشريعة واحدة ، وبما أنّ هذه الدعوة الإلهية الواردة في القرآن الكريم ، صدق لا يشوبه كذب ، وما فيه من الأحكام عدل لا يخالطه ظُلم ، تمّت الشريعة السماوية ، فلا تتبدل كلماتها وأحكامها من بعد . وهذا المعنى يظهر عند التأمل في سياق الآيات .
إلى هنا تم البحث عن الآيات الدالّة على الخاتمية بصراحة أو بالتلويح والإشارة ، ولأهمية الإعتقاد بها تضافرت فيها النصوص عن النبي الأكرم وعترته الظاهرة ، غير أنّ سرد كل ما وقفنا عليه عنهم عليهم السلام ، يستدعي وضع رسالة مستقلة ، فنكتفي بنقل بعضها عن النبي الأكرم ، ووصيِّه الإمام عليّ عليه السلام ، ونترك الباقي إلى محله .
* * *
لقد حصحص الحق ، بما أوردناه من النصوص القرآنية ، وانْحَسَر الشَّكُ عن مُحيّا اليقين ، فلم تَبْقَ لمجادِلٍ شُبْهَةٌ في أنّ رسول الله ، خاتمُ النبيين والمرسلين ، وأنّ شريعته خاتمةُ الشرائع ، وكتابَه خاتم الكتب . وإليك فيما يلي كَلِمٌ ذُرِّيَّة ، من صاحب الشريعة ووصيه في هذا المجال :
١ ـ خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة إلى غزوة تبوك ، وخرج الناس معه ، فقال له عليٌّ ( عليه السلام ) : « أَخْرُجُ معك ؟ » . فقال : « لا » ، فبكى عليٌّ ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : « أما ترْضى أن تَكونَ مِنِّي بمنزلة هارونَ من موسى ، إلَّا أَنَّه لا نَبِيَّ بَعْدي » ، أو « ليس بعدي نبي » ؟ .
وهذا الحديث هو المشهور بحديث
المنزلة ، لأنّ النبي نزّل نفسه منزلة