إطاعة الأوامر الإضطرارية أو الأوامر الظاهرية ، وغير ذلك . ولعلّ الكلّ يرجع إلى مبدءٍ واحد ، وهو استقلاله بالتحسين والتقبيح الذاتيين ، وهذا هو المنتج لهذه الملازمات والأحكام .
وقد فتح هذا الإعتراف ، للإسلام ، باب البقاء والخلود ، وغدا التشريع الإسلامي في ضوئه ذا سعة وشمول لكثير من الموضوعات المستجدة أو غيرها مما لم يذكر حكمه في الكتاب والسنّة .
نعم ، مَنْ أعدم العقل وعزله عن الحكم في مجالاته الخاصة به ، أَعطى للإسلام ولقوانينه سمة الجمود ، وعدم الشمول كما أنّ مَنْ فَسَح المجال للعقل ، للحكم في كل مورد ليس له طريق إليه ، جعل التشريع الإسلامي لعبة تتلاعب بها الأهواء .
وبما أنّ هذا البحث ، بحث يرجع إلى علم أُصول الفقه ، نقتصر على هذا القدر ، ونختم الكلام بحديث عن الإمام الطاهر ، موسى بن جعفر الكاظم ، وهو يخاطب تلميذه هشام بن الحكم ، بقوله :
« إنّ لله على الناس حجتين ، حجةً ظاهرة ، وحجةً باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء ، والأئمة ، وأمّا الباطنة فالعقول » (١) .
الأحكام الشرعية ـ حسب ما ينصّ عليه الكتاب ـ تابعة للمصالح والمفاسد ، فلا حرام إلّا لمفسدة في اقترافه ، ولا فريضة إلّا لمصلحة في الإتيان بها . ولا يراد من المصالح والمفاسد خصوص الدنيوية ، بل الأعمّ مما يرجع إلى سعادة البشر في دنياه ، وفي أُخراه .
يقول سبحانه : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ، وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ، فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) (٢) .
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ١٦ .
(٢) سورة المائدة : الآية ٩١ .