فإنّهم صلوات الله عليهم ، في هذا المضمار ، في درجة لا يدرك شأوهم ، ولا يشق لهم غُبار ، حسب روائع نصوصهم وكلماتهم .
وليست السلطة مفخرة للحاكم يعلو بها على سائر المحكومين ، بل هي من وجهة النظر الإسلامية مسؤولية إجتماعية كبرى أمام الله سبحانه أوّلاً ، وأمام المسلمين ثانياً . والجهة الجامعة ما بين الحاكم والإمام في إدارة دفة الحكم وسياسة العباد ، ليس لها أي ارتباط بالمُثُل الخلقية والصفات النفسانية » (١) .
ثم إنّ البحث حول حقوق الحاكم الإسلامي ، الذي يمهّد الطريق لسيادة الأحكام الإسلامية طويل الذيل يرجع فيه إلى مفاهيم القرآن (٢) .
وأمّا الأمر الثاني ، وهو أنّ التشريع الإسلامي ينظر إلى الكون والمجتمع بسعة ورحابة ، مع مرونة خاصة تساير الحضارات الإنسانية المتعاقبة ، فقد أحرز ذلك بتحقيق أُمور ثلاثة :
الإسلام يهتم بالمعنى دون الظاهر ، وهذه إحدى العِلَل لبقاء أحكامه وخلودها ، وقد أوضحنا حال ذلك عند البحث عن إتّقان التشريع والتقنين الإسلامي .
__________________
(١) ولاية الفقيه ، للإمام السيد الخميني ، ص ٦٣ ـ ٦٦ . وقد كان سماحته حيّاً يرزق ونحن نجري القلم على هذه المواضع ، لكنه لبّى دعوة ربّه والتحق بالرفيق الأعلى ليلة الأحد التاسع والعشرين من شهر شوال عام ١٤٠٩ للهجرة . وقد كان ـ قدّس الله سرّه ـ رجلاً مثالياً في التقوى ، وبطلاً في العلم ، ومجاهداً مناضلاً في سبيل إعلاء كلمة الحق . وبالحق كان مصداقاً لقول الشاعر :
ليس من الله بِمُسْتَنْكر |
أَنْ يَجْمَعَ العالَم في واحدٍ |
أعلى الله مقامه ، ورفع في الجنان درجته .
(٢) قد أشبع شيخنا الأستاذ ـ دام ظله ـ الكلام في هذا المضمار ، فلاحظ « مفاهيم القرآن » ، ج ٢ ، ص ٢٦٥ ـ ٢٩٦ .