أدلة منكري بعثة الأنبياء
إن الرسول إما أن يأتي بما يوافق العقول أو بما يخالفها . فإن جاء بما يوافق العقول ، لم يكن إليه حاجة ، ولا فائدة فيه . وإن جاء بما يخالف العقول ، وجب ردّ قوله .
وبعبارة أخرى : إنّ الذي يأتي به الرسول لا يخلو من أحد أمرين : إمّا أن يكون معقولاً ، وإمّا أن لا يكون معقولاً .
فإن كان معقولاً ، فقد كفانا العقل التام بإدراكه والوصول إليه ، فأي حاجة لنا إلى الرسول . وإن لم يكن معقولاً ، فلا يكون مقبولاً . إذ قبول ما ليس بمعقولٍ ، خروجٌ عن حدّ الإِنسانية ودخولٌ في حريم البهيمية .
والجواب :
إن حصر ما يأتي به الرسول بموافق العقول ومخالفها ، حصر غير حاصر . فإن ها هنا شقّا ثالثاً وهو إتيانهم بما لا يصل إليه العقل بالطاقات الميسورة له . فإنك قد عرفت فيما أقمنا من الأدلة على لزوم البعثة ، أن عقل الإِنسان وتفكّره قاصر عن نيل الكثير من المسائل ، فلاحظ .