ما يقومُ به كبارُ الأطباء والمخترعين من الأمور المعجبة ، خارجٌ عن إطار الإعجاز ، لانتفاء الأمرين فيهما . كما أنّ ما يقومُ به السحرة والمرتاضون من الأعمال المدهشة ، لا يُعَدّ معجزاً لانتفائهما أيضاً ، خصوصاً الأمر الثاني ، لقيام المرتاض الثاني بمثل ما قام به المرتاض الأول ، بل بأعظم منه .
لا بدّ من هذا القيد في صدق الإعجاز على فعل المدعي . فلو خالف ما ادّعاه لما سمّي معجزة ، وإن كان أمراً خارقاً للعادة . وذلك كما حصل مع مسيلمة الكذّاب عندما ادّعى أنّه نبي ، وآية نبوته أنّه إذا تفل في بئر قليلة الماء ، يكثر ماؤها : فتفل فغار جميع مائها .
وقد كان من أفاعيله ـ الدالّة على كذب دعواه ـ أنّه أمَرٍّ يده على رؤوس صبيان بني حنيفة ، وحنّكهم ، فأصاب القرع كلّ صبيٍّ مَسَحَ على رأسه ، ولَثَغَ كُلُّ صبيٍّ حَنَّكَهُ (١) .
* * *
__________________
(١) لاحظ تفصيل هذه الوقائع في تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٥٠٧ .