المادية في الغرب ، وتَدَيَّن مفكروها بالمادية في عطاء المسيحية وواجهة اليهودية ، ووقفوا على أنَّ التغلب على الشرق يتوقف على تضعيف عقائد الشرقيين وإبعادهم عن ديانتهم ، فصار ذلك مبدءً لتأسيس علم باسم الإِستشراق ، له واجهة الإِستطلاع والتحقيق والتنقيب ، وواقعيةٌ هي الإِضلال والتحريف ، وإضعاف عقائد الشبان . وليس هذا شيئاً مكتوماً على مَنْ سَبَر كتب هؤلاء حتى من اشتهر بالوعي والموضوعية .
هذا ، ولو أردنا أن نسلك خُطى من تقدم من علمائنا الكلاميين في الدفاع عن الدين والشريعة ، فلا مناص لنا إلا رصد الحركات الإِلحادية التي تظهر في كل زمن وجيل باسمٍ وصورةٍ وواجهةٍ ، وهذا يقتضي تطويرَ علم الكلام الموروث وإكماله حتى يفي بحاجات العصر ، ويقف موقف المعلم الرؤوف بالنسبة إلى المستعلم الواعي فيجيب عن الشبهات المستحدثة في كل عصر وجيل باسم العلم والتاريخ . ولأجل ذلك لا مناص في تطوير علم الكلام من البحث في أُمور يقتضي الزمان ضرورة طرحها وتحليلها :
إن فصل الدين عن السياسة من الخطط الإِلحادية التي لم تزل تروّج في الغرب منذ كُسِرت شوكة الكنائس ، فاتخذوها سنداً وثيقاً لإِبعاد الدين عن السياسة ، فطفق السياسيون يلعبون بكل شيءٍ سواءٌ أوافق الدين أم لا ، قائلين بأن للدين مجالاً ، وللسياسة مجالاً آخر ، ولكلٍّ رجاله : ( وللحرب والقصعة والثريد رجالها ) .
وقد لعب السياسيون بهذا الحبل أدواراً ، فخصوا الدين بالكنائس والبيع ، وخارجهما بالسياسة التي لا تفارق الخدعة والدغل .
وجاء بعد هذه الفكرة أو معها فصل
الدين عن العلم ، وصار هذا أصلاً رصيناً في العلوم الجامعية ، تُدَرَّس العلوم الطبيعية والانسانية على هذا الأصل ، فإذا شاهدوا في موردٍ تناقضاً وتضاداً ، فأقصى ما عندهم أنَّ للدين