الذي رواه الشيخان وغيرهما ، أخرج البخاري عن ابن عباس ، قال : لما حضر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي : «هلم أكتب لكم كتاب لا تضلّوا بعده أبدا» ، فقال عمر : «إنّ النبي قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله». فاختلف أهل البيت ، فاختصموا ، منهم من يقول : قرّبوا ، يكتب لكم النبي كتابا لن تضلّوا بعده ، ومنهم يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي ، قال لهم (صلىاللهعليهوآله) : قرموا.
قال عبد الله بن مسعود : فكان ابن عباس يقول : «إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم» (١).
٢ ـ سرية أسامة
قد اهتمّ النبي ببعث سرية أسامة بن زيد اهتماما عظيما ، فأمر أصحابه بالتهيؤ لها ، وحثّهم عليها ، ثم عبّأهم بنفسه الزكية ، إرهافا لعزائمهم ، واستنهاضا لهممهم ، فلم يبق أحدا من وجوه المهاجرين والأنصار كأبي بكر ، وعمر ، وأبي عبيدة ، وسعد ، وأمثالهم ، إلّا وقد عبّأه بالجيش ، وكان ذلك لأربع ليال بقين من صفر ، سنة إحدى عشرة للهجرة ، فلما كان يوم الثامن والعشرين من صفر ، بدأ به (صلوات الله عليه وآله) مرض الموت ، فلما أصبح يوم التاسع والعشرين ، ووجدهم مثّاقلين ، خرج إليهم فحضّهم على السير ، وعقد اللواء لأسامة بيده الشريفة ، إرهافا لعزيمتهم ثم قال : «اغز باسم الله ، وفي سبيل
__________________
(١) أخرجه البخاري ، في غير مورد ، لاحظ ج ١ ، باب كتابة العلم ، الحديث ٣ ؛ وج ٤ ، ص ٧٠ ؛ وج ٦ ، ص ١٠ ؛ من النسخة المطبوعة سنة ١٣١٤. والإمام أحمد في مسنده ج ١ ، ص ٣٥٥ ، وفيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : يوم الخميس وما يوم الخميس. ثم نظرت إلى دموعه على خدّيه تحدر كأنّها نظام اللؤلؤ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ائتوني باللوح والدواة ، أو الكتف ، أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا. فقالوا : «رسول الله يهجر»!!.