سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة (١). فمن واجب المسلم الحرّ ، الذي لا يتبنّى إلّا مصلحة المسلمين ، السعي وراء الوحدة ، ولكن ليس معنى ذلك ترك البحث ، وغلق ملف الدراسة ، فإنّه إذا كان البحث نزيها موضوعيا يكون مؤثّرا في توحيد الصفوف وتقريب الخطى ، إذ عندئذ تتعرف كل طائفة على ما لدى الأخرى ، من العقائد والأصول ، وبالتالي تكون الطائفتان متقاربتين. وهذا بخلاف ما إذا تركنا البحث مخافة الفرقة ، فإنّه يثير سوء ظنّ كلّ طائفة بالنسبة إلى الأخرى في مجال العقائد والمعارف ، فربما تتصورها طائفة أجنبيا عن الإسلام. هذا أولا.
وثانيا : إنّ لمسألة البحث عن صيغة الإمامة بعد النبي بعدين أحدهما بعد تاريخي مضى عصره ، والثاني بعد ديني باق أثره إلى يومنا هذا ، ومن واجب كلّ مسلم الأخذ به ، وهو أنّه إذا صحّ تنصيب عليّ لمقام الولاية والخلافة ، بالمعنى الذي تتبناه الإمامية ، يكون الإمام ، وراء كونه زعيما في ذلك العصر ، مرجعا في رفع المشاكل التي خلفتها رحلة النبي ، ممّا قد مرّ عليك ، فيجب على المسلمين الرجوع إليه في تفسير القرآن وتبيينه ، وفي مجال الموضوعات المستجدة التي لم يرد فيها النصّ في الكتاب والسنّة ، كما يكون مرجعا في سائر الأمور.
وفي ضوء هذا ، فالبعد الذي مضى ، ولا نعيد البحث فيه ، هو كونه زعيما في ذلك العصر ، وقد مضى زمنه ، ولكن الباقي زعامته الدينية ، وقيادته في مجال المعارف والمسائل الشرعية ، فهو بعد باق ، فيجب على كل المسلمين الرجوع إلى الإمام أخذا بهذه الأبعاد ، لحديث الغدير وغيره. فليس البحث متلخصا في البعد السياسي حتى نشطب عليه بدعوى أنّه مضى ما مضى ، بل له كما عرفت مجال ومجالات باقية.
فإذا وصل البحث إلى هنا ، يجب علينا التركيز على مسألة أخرى وهي أنّ النبي الأكرم ، لم يزل يهيب في الجاهلين ، ويصرخ في الغافلين ، داعيا إلى التمسّك بالكتاب والعترة معا ، وهذا تصريح بأنّ لقيادة العترة الطاهرة وراء
__________________
(١) تقدمت منا هذه الكلمة نقلا عن الشهرستاني في الملل والنحل.