بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ، وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١).
والإمامة التي يتبناها المسلمون بعد رحلة النبي الأكرم ، تتّحد واقعيتها مع هذه الإمامة.
* * *
الثاني ـ ما هو المراد من الظالمين
الظلم في اللغة هو وضع الشيء في غير موضعه ، ومجاوزة الحدّ الذي عيّنه العرف أو الشرع ، فالمعصية ، كبيرها وصغيرها ، ظلم ، لأنّ مقترفهما يتجاوز عن الحدّ الذي رسمه الشارع.
والظلم له مراتب ، والمجموع يشترك في كونه تجاوزا عن الحدّ ، ووضعا للشيء في غير موضعه.
ولما خلع سبحانه ثوب الإمامة على خليله ، ونصبه إماما للناس ، ودعا إبراهيم أن يجعل من ذريته إماما ، أجيب بأنّ الإمامة وثيقة إلهية ، لا تنال الظالمين ، لأنّ الإمام هو المطاع بين الناس ، المتصرف في الأموال والنفوس ، وقائد المجتمع إلى السعادة ، فيجب أن يكون على الصراط السويّ ، حتى يكون أمره ، ونهيه ، وتصرّفه ، وقيادته ، نابعة منه. والظالم المتجاوز عن الحدّ ، لا يصلح لهذا المنصب.
إنّ الظالم الناكث لعهد الله ، والناقض لقوانينه وحدوده ، على شفا جرف هار ، لا يؤتمن عليه ، ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة ، ولا مفاتيح القيادة ، لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدّي ، وعلى استعداد لأن يقع أداة للجائرين ، فكيف يصحّ في منطق العقل أن يكون إماما مطاعا نافذا قوله ، مشروعا تصرّفه ، إلى غير ذلك من لوازم الإمامة؟.
إنّ بعض المناصب والمقامات ، تعيّن شروطها بالنظر إلى ماهيتها وواقعيتها ،
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٤٧.