مباحث المعاد
(٢) أدلة وجوب المعاد وضرورته
قد تعرفت على أنّ الحياة الأخروية للإنسان ، أمر ممكن لا يمنع منه شيء ، وإنّما الكلام في وجوب وقوعها وضرورة وجودها. وفيما يلي نستدلّ على ضرورة وجود هذه النشأة بوجوه عقلية هدانا إليها القرآن الكريم.
الدليل الأول ـ صيانة الخلقة عن العبث
ذكرنا أنّ أحد الأسئلة التي تلاحق كلّ إنسان ويعاني منها ، هو الوقوف على هدف الخلقة ، وأنّه لما ذا خلق ، وما هو الغرض من خلق الإنسان ، والإنسان الإلهي بما أنّه يصون فعل الحقّ عن العبث واللغو (لا بمعنى أنّ هناك غرضا للخالق يستكمل به ، بل بمعنى أنّ فعله ليس بلا غاية) ، يجيب بأنّه لم يخلق عبثا ولا سدى ، بل خلق ليبلغ الكمال الذي يناله في النشأة الأخروية ، على وجه لولاها لأصبح خلقه وإيجاده لغوا وباطلا.
ثم إنّ هذا الدليل ، أي صيانة فعل الباري عن العبث ، يمكن بيانه بوجوه ، تتحد في الجوهر ، وإنّما تختلف في التقرير وهي :
١ ـ المعاد وغاية الخلقة.
٢ ـ المعاد والحقّ المطلق.