النظام البديع السائد في الكون ، ببيان رائق مبسوط ، معربا عن أنّه لو لا النبأ العظيم ، لأصبح خلق العالم بلا غاية.
يقول سبحانه : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ* عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ).
ثم يقول : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً ، وَالْجِبالَ أَوْتاداً) إلى قوله : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) (١).
وبذلك تقف على انسجام الآيات وصلة بعضها ببعض.
وفي كلمات الإمام أمير المؤمنين إشارة إلى هذا النمط من الاستدلال ، يقول عليهالسلام.
«وإنّ الخلق لا مقصر لهم عن القيامة ، مرفلين في مضمارها إلى الغاية القصوى»(٢).
وفي خطبة أخرى قال عليهالسلام : «قد شخصوا من مستقر الأجداث وصاروا إلى مصائر الغايات» (٣).
* * *
الدليل الثاني ـ المعاد مقتضى العدل الإلهي
لزوم العمل بالعدل ، والاجتناب عن الظلم ، من فروع التحسين والتقبيح العقليين ، اللذين هما من أحكام العقل العملي. فمن قال بلزوم فعل الحسن واجتناب القبيح ، يرى العمل بالعدل واجبا لكل فاعل مريد مختار ، من غير فرق
__________________
(١) سورة النبأ : الآيات ١ ـ ١٧.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥٦.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٠. وفي رسالته إلى ابنه الحسن : «واعلم يا بنيّ أنّك خلقت للآخرة لا للدنيا الخ». (الكتاب ٣١).