إحياء الموتى يوم القيامة ، رحمة من الله سبحانه لهم ، كما أنّ إحياء الأرض رحمة من الله سبحانه لعباده.
* * *
الدليل الخامس : المعاد خاتمة المطاف في تكامل الإنسان
إنّ الحركة تتقوم بأمور ستة ، منها الغاية ، كما حقق في محلّه. اعتبار الغاية في حقيقة الحركة ينشأ من تصوّر مفهومها ، فإنّ الحركة جهد وسعي ، يتطلب صاحبها غاية يفقدها ، من غير بين أن تكون الغاية عقلائية ، كحركة الطالب لتحصيل العلم ، أو غير عقلائية ، كاللعب بالسّبحة لترويح النفس.
ونرى أنّ الإنسان منذ تكونه نطفة فعلقة فمضغة ، إلى أن يفتح عينه على الوجود ، في حال حركة دائمة وسعي متواصل ليس له ثبات ولا قرار ، وهو يطلب بحركته وسعيه شيئا يفقده. فعلى ذلك لا بدّ من وجود يوم يزول فيه وصف اللاقرار ، ويدخل منزلا فيه القرار والثبات ، يكون غاية المطاف.
والحركة وإن كانت تتوقف بالموت ولا يرى بعدها في الإنسان سعي ، لكنّ تفسير الموت ببطلان الإنسان وشخصيته الساعية ، إبطال للغاية التي كان يتوخاها من حركته ، فلا بدّ أن يكون الموت ورودا إلى منزل آخر ، يصل فيه إلى الغاية المتوخاة من سعيه وجهاده ، وذلك المنزل هو النشأة الأخروية.
ولا يصح أن يقال إنّ الغاية من الحركة والسعي والكدح ، هو نيل اللذائذ المادية والتجمّلات الظاهرية ، لوضوح أنّ الإنسان مهما نال منها ، لا يخمد عطشه ، بل يستمر في سعيه وطلبه ، وهذا يدلّ على أنّ له ضالة أخرى يتوجّه نحوها ، وإن لم يعرف حقيقتها ، فهو يطلب الكمال اللائق بحاله ، ويتصور أنّ ملاذّ الحياة غايته ، ومنتهى سعيه ، ولكنه سوف يرجع عن كل غاية يصل إليها ويعطف توجهه إلى شيء آخر.
قال صدر المتألّهين : الآيات التي ذكرت فيها النطفة وأطوارها الكمالية ،