الأمر الخامس
بما ذا تنعقد الإمامة عند أهل السنّة؟
قد تعرّفت على عقيدة أهل السنّة في باب الإمامة ، وأنّها عندهم أشبه بسياسة وقتية زمنية ، يقودها الحاكم العادي مع كفاءات ومؤهلات ، تطابق شأنه.
وعلى ذلك يرجع تعيين الإمام إلى نفس الأمّة ، لا إلى الله سبحانه ولا إلى رسوله ، وهم قد اختلفوا فيما تنعقد به الإمامة على أقوال شتّى نأتي ببعضها :
١ ـ قال الأسفرائيني : (ت ٣٤٤ ـ م ٤٠٦) في كتاب الجنايات : «وتنعقد الإمامة بالقهر والاستيلاء ، ولو كان فاسقا أو جاهلا أو عجميا» (١).
٢ ـ قال الماوردي (م ٤٥٠ ه) : «اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم ، على مذاهب شتّى. فقالت طائفة : لا تنعقد إلّا بجمهور أهل العقد والحلّ من كل بلد ، ليكون الرضا به عامّا ، والتسليم لإمامته إجماعا ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة باختيار من حضرها ، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها.
وقالت طائفة أخرى : أقلّ ما تنعقد به منهم الإمامة ، خمسة يجتمعون على عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة ، استدلالا بأمرين : أحدهما : أنّ بيعة
__________________
(١) إحقاق الحق ، للسيد التّستري ، ج ٢ ، ص ٣١٧.