بالله سبحانه ، الذي يحكي عنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (١).
والسؤال فرع وجود المسئول أوّلا ، وإمكان الاتصال ثانيا. فهي تدل على وجود أرواح الأنبياء ، وإمكان اتصال النبي بها.
ومع ذلك يمكن أن يكون المراد هو سؤال علماء أهل الكتاب أو أتباعهم ، لقوله سبحانه : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ ، لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (٢) والغاية من السؤال هو الاحتجاج ، ومع ذلك فهذا الاحتمال على خلاف الظاهر.
وفي الآيات (٣) ما يدل على أنّ الآية تأمر النبي بالسؤال في ليلة المعراج ، ولو تمت الروايات سندا ، لما كانت مخالفة لما قلنا.
إلى هنا تم إيراد الآيات ـ بقسميها ـ الدالة على خلود الروح بعد الموت ، وتجرّدها من آثار المادة ، وإمكان الاتصال بها في هذه النشأة وبذلك ثبت بنحو قاطع ، من طريقي العقل والنقل ، وجود الروح وتجردها وخلودها (٤) ، الذي له دور عظيم في حلّ معضلات المعاد ، والإجابة على الأسئلة الواردة حوله.
* * *
__________________
(١) سورة النحل : الآية ٣٦.
(٢) سورة يونس : الآية ٩٤.
(٣) لاحظ مجمع البيان ، ص ٤٩ ـ ٥٠.
(٤) لاحظ في تكلّم النبي مع أرواح المشركين في غزوة بدر ، المصادر التالية : صحيح البخاري ، غزوة بدر ، ج ٥ ، ص ٩٧ ، ٩٨ و ١١٠. وصحيح مسلم ج ٤ ، كتاب الجنة. وسنن النسائي ، ج ٤ ، ص ٨٩ و ٩٠. ومسند أحمد ، ج ٢ ص ١٣١. وسيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٦٣٩ ، ومغازي الواقدي ، ج ١ ، غزوة بدر. وبحار الأنوار ، ج ١٩ ، ص ٣٦٤.
وتكلّم النبي مع أرواح المؤمنين المدفونين في البقيع : طبقات ابن سعد ، ج ٢ ، ص ٢٠٤.
والسيرة النبوية ، ج ٢ ، ص ٦٤٢. وإرشاد المفيد ، ص ٤٥.
وتكلّم أمير المؤمنين مع النبي عند تغسيله : نهج البلاغة ، الخطبة ٢٣٠.