(وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) (١) وقوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٢)» (٣).
يلاحظ عليه : أوّلا : إنّ هذا التفسير لا ينطبق على قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) ، فإنّ معناه : اضربوا بعض النّفس المقتولة ببعض جسم البقرة ، وأين هذا من غسل أيدي المتهمين في دم العجلة المقتولة ، فهل غسل الأيدي في دمها عبارة عن ضرب المقتول ببعض البقرة؟!
وثانيا : إنّه سبحانه يقول : (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) ، فالقصة تتضمن آية من آيات الله ، ومعجزة من المعاجز ، فهل في غسل الأيدي بدم العجلة ودرء التهمة عن المتهم ، إراءة للآيات الإلهية.
وثالثا : إنّ تفسير الآية بالاستناد إلى الإسرائيليات والمسيحيات ، مسلك ضال في تفسير كتاب الله العزيز ، وليس اللجوء إليها إلا لأجل ما اتخذه صاحب المنار من موقف مسبق تجاه المعاجز وخوارق العادات ، وإصراره على إرجاع عالم الغيب إلى الشهادة.
٥ ـ إحياء سبعين رجلا من قوم موسى
ذكر المفسرون أنّ موسى عليهالسلام اختار من قومه سبعين رجلا حين خرج من الميقات ليكلمه الله سبحانه بحضرتهم ، فيكونوا شهداء له عند بني إسرائيل لعدم وثوقهم بأنّ الله سبحانه يكلّمه ، فلما حضروا الميقات ، وسمعوا كلامه تعالى سألوا الرؤية ، فأصابتهم الصاعقة فماتوا ، ثم أحياهم الله تعالى (٤) ، يقول سبحانه :
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ، فَأَخَذَتْكُمُ
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٣٢.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٧٩.
(٣) لاحظ المنار ج ١ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٥٠.
(٤) مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٤٨٤.