الأمر الأول ـ «الموت» في اللغة والقرآن
قال في المقاييس : «الموت ، أصل صحيح يدل على ذهاب القوة من الشيء ، منه: الموت خلاف الحياة» (١). وهذا هو الأصل في استعماله ، فلو أطلق لفظ الموت على إطفاء النار ، وخروج الأرض من قابلية الزرع والاستصلاح ، أو على النوم ، فالكل يرجع إلى ذلك الأصل.
قال في اللسان : «الموت يقع على أنواع بحسب أنواع الحياة ، فمنها ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الحيوان والنبات ، كقوله تعالى : (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (٢).
ومنها زوال القوة الحسيّة ، كقوله تعالى ـ حاكيا قول مريم عليهاالسلام ـ (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) (٣).
ومنها زوال القوة العاقلة ، وهي الجهالة ، كقوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (٤) ، و (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (٥).
ومنها الحزن والخوف المكدر للحياة ، كقوله تعالى : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) (٦).
وقد يستعار الموت للأحوال الشّاقة ، كالفقر والذّلّ ، والسؤال والهرم ، والمعصية» (٧). فالاستعمال في الجميع بأصل واحد.
وقد استعمل القرآن لفظ الموت ـ كما عرفت ـ في موارد ، بهذا الملاك ، مثلا يقول: (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ) (٨). ويقول في الأصنام : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) (٩). ويطلقه على المراحل المتقدمة من خلق الإنسان ، فيقول : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (١٠). فترى في الجميع نوع ذهاب وزوال ، إمّا للطاقة كما في
__________________
(١) مقاييس اللغة ، ج ٥ ، ص ٢٨٣.
(٢) سورة الروم : الآية ٥٠.
(٣) سورة مريم : الآية ٢٣.
(٤) سورة الأنعام : الآية ١٢٢.
(٥) سورة النمل : الآية ٨٠.
(٦) سورة إبراهيم : الآية ١٧.
(٧) لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٩٢. لاحظ بقية كلامه.
(٨) سورة يس : الآية ٣٣.
(٩) سورة النحل : الآية ٢١.
(١٠) سورة البقرة : الآية ٢٨.