مائة وعشرون سنة ، فالإنسان ـ بما هو إنسان ـ قابل لأن يعيش هذا المقدار من الزّمن. وفي ضوء ذلك ، لكلّ إنسان «أجل» ، بهذا المعنى ، ولكنه ليس أجلا حتميا وقطعيا ، بل قد ينقص عنه أو يزيد عليه لعوامل خاصة في حياته ، فربّ إنسان يموت في العقد الخامس أو السادس من عمره ، وهو أجلّ حتمي ومسمى له ، مع أنّ الأجل المطلق كان أزيد منه. وربّ إنسان يعيش أزيد من هذا الحدّ الطبيعي ، ويموت في العقد الخامس عشر من عمره ، وهو أجل حتمي ومسمى له ، وإن كان الأجل المطلق أنقص منه.
والأجل المطلق يعرفه غيره سبحانه ، ولكنّ الأجل الحتمي عنده ، فهو الذي يعرف الحدّ الذي تقف فيه حياة كل إنسان ، ولا تتجاوزه قطعا ، يقول سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ قَضى أَجَلاً ، وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (١).
* * *
الأمر السابع ـ الإنابة عند الموت
قد عرفت أنّ قسما من النّاس يخافون من الموت لما علموا من أنّ كواهلهم مثقلة بعظائم الذنوب ، أو لاعتقادهم بأنّه خاتمة المطاف في الحياة البشرية. والصنف الأول ، إذا فوجئوا بالموت ، يلجئون إلى التوبة والإنابة ، ويندمون ، ولكن لات حين مندم ، فإنّهم قد ضيّعوا الفرص ، والتوبة إنّما تقبل إذا كان الإنسان ذا مقدرة على الفعل والترك والطاعة والعصيان ، فيرجّح باختياره الانقياد ، على المخالفة ، وهذا من تقبل توبته ، لأنّ الإنابة في هذا المقام ، تكشف عن تحول روحي ، وثورة نفسانية على المعصية والتمرد والتجري ، وأمّا إذا وصل الإنسان في مدارج حياته إلى نقطة ليس أمامها إلّا طريق واحد ، وهو ترك التمرّد ،
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٢. وبما أنّ الكلام فيه قد سبق في الجزء الثاني من هذا الكتاب «الإلهيات» ، ص ٢٤٢ ـ ٢٤٦ ، فقد اكتفينا بهذا المقدار.