لفقدان القوة والطاقة ، فلا تقبل التوبة عند ذاك ، لأنّها لا تكشف عن انقلاب روحي نحو الكمال ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه :
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ، حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ، قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) (١).
وقد ندم طاغية مصر ، فرعون ، عند ما وافاه الغرق ، وأحسّ بالعجز عن استمراره بالعصيان فأسلم ، وقال : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ ، وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ* آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٢).
وقد كان الطغاة من الأمم السالفة على هذا النمط ، فلا يلجئون إلى الإنابة إلّا بعد ما يروا بأس الله تعالى ، يقول سبحانه :
(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (٣).
يقول الإمام علي عليهالسلام : «فهو يعضّ يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره» (٤).
* * *
الأمر الثامن ـ الوصية عند الموت
لا ينبغي لا مريء مسلم أن يبيت ليلة إلّا ووصيته تحت رأسه (٥).
ومع ذلك ربما يترك الإنسان هذه الفريضة ، فله الإيصاء حال الموت.
يقول سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١٨.
(٢) سورة يونس : الآيتان ٩٠ و ٩١.
(٣) سورة غافر : الآيتان : ٨٤ و ٨٥.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ١٠٩.
(٥) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، كتاب الوصايا ، الباب الأول ، الحديث ٧.