أَهْلِهِ مَسْرُوراً* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) (١).
* * *
٤ ـ الحساب والشهود
وبعد تناول الصحف يبدأ الحساب ، وهو مشهد مروّع للقلوب ومقطّع للأرواح ، إنّه مشهد القضاء على الناس بشهود لا يتطرق إلى شهادتهم ريب ولا يتّهمون بكذب. وهم بين شاهد خارجي كالله سبحانه ، والأنبياء ، والملائكة ، والأرض ، وداخلي كالأعضاء والجوارح حتى جلد البدن.
وهناك نوع آخر من الشهود لا يشابه القسمين ، وهو تجسّم أعمال الإنسان بوجود يناسب تلك النشأة وهذا نظير عرض صور الجريمة ووقائعها التي التقطت عند ارتكاب المجرم لها ، أو بثّ الشريط الذي سجل فيه كلام المعتدي بالسبّ والوقيعة ، وإن كان هناك فرق بين الممثّل والممثّل له.
وبذلك لا يجد المجرم لنفسه إلا الاعتراف بالذنب والتقصير والجرأة ، لثبوت الجرم عليه بوجه لا يقبل الإنكار ، وإليك عرض هؤلاء الشهود في ضوء آيات القرآن الكريم ، مقدّمين الشهود الخارجيين على الداخليين.
الشاهد الأول ـ الله سبحانه
من عجيب الأمر أنّ الله سبحانه هو القاضي والحاكم بين العباد ، وهو بنفسه أيضا شاهد على أعمالهم ، يقول سبحانه : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٢).
ويقول سبحانه : (... لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) (٣).
__________________
(١) سورة الانشقاق : الآيات ٧ ـ ١١ وسيأتي بيان أوفى لإعطاء الكتب في الشهود.
(٢) سورة الحج : الآية ١٧.
(٣) سورة آل عمران : الآية ٩٨.