الطعن فيها» (١)
إن القضاء البات في هذه الآراء يتوقف على معرفة ملاك توصيف المعاد بالجسماني والروحاني ، وإليك بيانه.
ملاك كون المعاد جسمانيا أو روحانيا
إن لتوصيف المعاد بالجسماني أو الروحاني ، أو هما معا ، ملاكين ، هما :
الملاك الأول : ما يرجع إلى اتخاذ موقف حاسم في حقيقة الإنسان ، وأنّها ما هي ، فلو قلنا بأن الإنسان عبارة عن هذا الهيكل الجسماني ، وليس للروح حقيقة وراء التفاعلات والانفعالات المادية الفيزيائية والكيميائية ، وهي سارية في البدن سريان النار في الفحم ، والماء في الورد ـ لو قلنا بهذا ـ فلا مناص للقائل بالمعاد من توصيفه بكونه جسمانيا فقط ، إذ ليس هناك وراء الجسم ، والتأثير الماديين ، شيء آخر حتى يعاد.
وأما لو قلنا بأنّ وراء الجسم ، ووراء التفاعلات المادية ، جوهر حقيقي مدرك ، له تعلق بالبدن ، تعلّقا تدبيريا ما دامت العلقة باقية ، فإذا زالت يكون له البقاء ولا يتطرق إليه الفناء. فلو قلنا بذلك ، ثم قلنا بأنّه سبحانه يبعث الروح مع البدن ، فالمعاد يكون جسمانيا من جهة ، وروحانيا من جهة أخرى ، لكون المبعوث ممزوجا من شيئين ومؤلّفا من أمرين ، ولكل معاد.
وأما لو قلنا بأنّ الروح ـ بعد مفارقتها البدن ـ لا ترجع إليه ، لعلة ما ، فعندئذ تبعث الروح وحدها من دون تعلّقها بالبدن ، فيكون المعاد روحانيا فقط ، وهذا الملاك هو الذي يلوح من كلام صدر المتألهين ، وصهره عبد الرزّاق اللاهيجي (٢).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ٤٦. ولاحظ حق اليقين ، للسيد شبّر ، ج ٢ ، ص ٥٢. ولا نطيل الكلام بنقل كلمات الآخرين.
(٢) الأسفار ، ج ٩ ، ص ١٦٥. و «گوهر مراد» المقالة الثالثة ، الباب الرابع ، ص ٤٤٩. (فارسي).