والكلام مع هؤلاء في مقامين :
١ ـ نقد هذا المذهب عن طريق الكتاب والسنة.
٢ ـ تحليل ما تمسكوا به في إثبات عقيدتهم.
أما الأول ، فالآيات الدالة على أنّ العمل ليس عنصرا مقوّما للإيمان (وإن كان مؤثرا في النجاة) كثيرة نشير إلى بعضها :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، فالعطف يقتضي المغايرة ، ولو كان العمل داخلا في الإيمان للزم التكرار. واحتمال كون المقام من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، يحتاج إلى نكتة ومسوغ له.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (١) فالجملة حالية ، المقصود منها : «من عمل حال كونه مؤمنا» ، وهذا يقتضي المغايرة.
قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى ، فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (٢).
فأطلق المؤمن على الطائفة العاصية ، وقال ما هذا معناه : فإن بغت إحدى الطائفتين من المؤمنين على الطائفة الأخرى منهم».
نعم ، يحتمل أن يكون إطلاق المؤمن عليهم باعتبار حال التلبس ، أي باعتبار كونهم مؤمنين قبل القتال ، لا بلحاظ حال صدور الحكم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٣).
فأمر الموصوفين بالإيمان ، بتقوى الله ، وهو الإتيان بالطاعات والاجتناب عن المحرمات ، فدلّ على أنّ الإيمان يجتمع مع عدم التقوى ، وإلا كان الأمر به لغوا وتحصيلا للحاصل.
__________________
(١) سورة طه : الآية ١١٢.
(٢) سورة الحجرات : الآية ٩.
(٣) سورة التوبة : الآية ١١٩.