واحتمال أنّ الآية أمر على الاستدامة ، خلاف الظاهر.
هذا حسب الآيات ، وأمّا السنة فهناك روايات تدل على أنّ الإقرار المقترن بالعرفان ، إيمان. منها ما رواه الصدوق بسند صحيح عن جعفر الكناسي قال : قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا ، قال : يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، ويقرّ بالطاعة ، ويعرف إمام زمانه ، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن» (١).
وأما الثاني : وهو تحليل ما استدلوا به على أنّ العمل عنصر مقوم للإيمان بحيث لولاه فهو إما كافر أو في منزلة بين المنزلتين. فقد استدلوا بآيات :
١ ـ قوله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (٢) ، فلو كان الإيمان هو التصديق ، لما قبل الزيادة والنقيصة ، لأن التصديق أمره دائر بين الوجود والعدم ، وهذا بخلاف ما لو كان العمل جزء من الإيمان ، فإنه عندئذ يزيد وينقص حسب زيادة العمل ونقيصته ، والزيادة لا تكون إلا في كمية عدد لا فيما سواها ، ولا عدد في الاعتقاد (٣).
يلاحظ عليه ، إنّ الإيمان ـ بمعنى الإذعان ـ أمر مقول بالتشكيك ، ولليقين مراتب بشهادة أنّ يقين الإنسان بأنّ الاثنين نصف الأربعة ، يفارق يقينه في الشدة والظهور بأنّ نور القمر مستفاد من الشمس ، كما أنّ يقينه الثاني يفارق يقينه بأن كل ممكن فهو زوج تركيبي من ماهية ووجود ، وهكذا يتنزل اليقين من القوة إلى الضعف إلى أن يصل إلى أضعف المراتب التي لو تجاوز عنها لزال وصف اليقين وانقلب إلى الظن أو الشك. فمن ادعى بأنّ أمر الإيمان ـ بمعنى التصديق والإذعان ـ دائر بين الوجود والعدم ، فقد غفل عن حقيقته ومراتبه ، فهل يصح لنا أن ندعي أنّ إيمان الأنبياء ، كإيمان سائر الناس ، كلا ، لأنّ الأنبياء معصومون ، وعصمتهم ناشئة من يقينهم بآثار المعاصي ، الذي يصدهم عن
__________________
(١) البحار ، ج ٦٦ ، ص ١٦ ، نقلا عن معاني الأخبار للصدوق.
(٢) سورة الفتح : الآية ٤.
(٣) الفصل ، لابن حزم الظاهري ، ج ٣ ، ص ١٩٤.