عَلَى اللهِ يَسِيراً) (١).
وقوله : (لِإِخْوانِهِمْ) ، يدل على أنّهم لم يكونوا مؤمنين بل كانوا منافقين. ويصرّح به قوله : (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا). وعلى ذلك فيرجع النفاق إلى عامل الكفر وعدم الإيمان ، وليس سببا مستقلا.
هذه هي أبرز أسباب الإحباط في الذكر الحكيم ، وقد عرفت إمكان إدغام البعض في البعض. وعلى كل تقدير فالإحباط هنا هو بطلان أثر المقتضى ، لا إبطال أثر ثابت بالفعل ، كما تقدم.
* * *
ثانيا : التكفير
التكفير هو إسقاط ذنوب المعاصي المتقدمة بثواب الطاعات المتأخرة ، وهو لا يعدّ ظلما ، لأن العقاب حق للمولى ، وإسقاط الحق ليس ظلما بل إحسان ، وقد عرفت أنّ خلف الوعيد ليس بقبيح وإنما القبيح خلف الوعد. فلأجل ذلك لا حاجة إلى تقييد استحقاق العقاب أو استمرار استحقاقه ، بعدم تعقّب الطاعات. بل الاستحقاق واستمراره ثابتان ، غير أنّ المولى سبحانه ، تفضّلا منه ، عفى عن عبده لفعله الطاعات.
قال سبحانه : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٢).
وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٣).
وقال سبحانه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآيتان ١٨ و ١٩.
(٢) سورة النساء : الآية ٣١.
(٣) سورة الأنفال : الآية ٢٩.