أسئلة المعاد
(٥) شبهة الآكل والمأكول
إنّ هذه الشبهة من أقدم الشبهات التي وردت في الكتب الكلامية حول المعاد الجسماني ، وقد اعتنى بدفعها المتكلمون والفلاسفة عناية بالغة ، والإشكال يقرر بصورتين :
الصورة الأولى : إذا أكل إنسان إنسانا بحيث عاد بدن الثاني جزء من بدن الإنسان الأول ، فالأجزاء التي كانت للمأكول ثم صارت للآكل ، إمّا أن تعاد في كل واحد منهما ، أو تعاد في أحدهما ، أو لا تعاد أصلا. والأول محال ، لاستحالة أن يكون جزء واحد بعينه ، في آن واحد ، في شخصين متباينين. والثاني خلاف المفروض ، لأنّ لازمه أن لا يعاد الآخر بعينه.
والثالث أسوأ حالا من الثاني ، إذ يلزم أن لا يكون أي من الإنسانين معادا بعينه. فينتج أنّه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها.
الصورة الثانية : لو أكل إنسان كافر ، إنسانا مؤمنا ، وقلنا بأنّ المراد من المعاد هو حشر الأبدان الدنيوية في الآخرة ، فيلزم تعذيب المؤمن ، لأنّ المفروض أنّ بدنه أو جزء منه ، صار جزء من بدن الكافر ، والكافر يعذّب ، فيلزم تعذيب المؤمن (١).
__________________
(١) لاحظ شرح المواقف للسيد شريف ، ج ٨ ، ص ٢٤٥ ، شرح المقاصد ، للتفتازاني ، ج ٢ ـ