الحد (١).
وهؤلاء الصحابة الذين خضبوا وجه الأرض بالدماء ، فاقرأ تاريخ بسر بن أرطاة ، فإنه قتل مئات من المسلمين ، وما نقم منهم إلا أنّهم كانوا يحبون علي بن أبي طالب ، ولم يكتف بذلك حتى قتل طفلين لعبيد الله بن عباس (٢).
٤ ـ أن تشبيه الصحابة بالنجوم ، وأن الاقتداء بكل واحد منهم سبب للاهتداء ، يعرب عن أنّ القائل يعتمد في ذلك على الذكر الحكيم ، فإنّه سبحانه قال : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (٣). ولكن شتان ما بين المشبه والمشبه به ، إذ ليس كل نجم هاديا للضالّ ، وإلا لقال تعالى : «وبالنجوم هم يهتدون». فأيّ معنى ـ عندئذ ـ لهذا التشبيه.
٥ ـ إنّ هذا الحديث موضوع على لسان النبي الأكرم ، وصرّح بذلك جماعة من أعلام أهل السّنة.
قال أبو حيان الأندلسي ـ في معرض ردّه على الزمخشري الذي أورد هذا الحديث ـ وقوله : «وقد رضي رسول الله لأمّته إتباع أصحابه والاقتداء بآثارهم في قوله : أصحابي كالنجوم الخ» ، لم يقل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول الله».
ثم نقل قول الحافظ ابن حزم في رسالته في إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ، ما نصه : «وهذا خبر مكذوب باطل لم يصح قطّ».
ثم نقل عن البزاز صاحب المسند قوله : وهذا كلام لم يصح عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وشرع بالطعن في سنده (٤).
ورد ابن قيم هذا الحديث وضعف أسانيده وقال ردا على من استدل في
__________________
(١) أسد الغابة ، ج ٤ ، ص ١٩٩.
(٢) الغارات ، للثقفي ، ج ٢ ، ص ٥٩١ ـ ٦٢٨ ، تاريخ اليعقوبي ، ج ١ ، ص ١٨٦ ـ ١٨٩ ، الكامل ، ج ٣ ، ص ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٣) سورة النحل : الآية ١٦.
(٤) لاحظ جميع ذلك في تفسير البحر المحيط ، ج ٥ ، ص ٥٢٨.