ونسأل المانعين الذين يتلقون نكاح المتعة ، مخالفا للحكمة التي لأجلها شرع النكاح ، نسألهم عن الزوجين الذين يتزوجان نكاح دوام ، ولكن ينويان الفراق بالطلاق بعد شهرين ، فهل هذا النكاح صحيح أو لا؟ ، لا أظن أنّ فقيها من فقهاء الإسلام ، يمنع ذلك ، وإلّا فقد أفتى بغير دليل ولا برهان. فيتعين الأول ، فأي فرق يكون حينئذ بين المتعة وهذا النكاح الدائم سوى أنّ المدة مذكورة في الأول ، دون الثاني.
يقول صاحب المنار : «إنّ تشديد علماء السلف والخلف في منع المتعة يقتضي منع النكاح بنية الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون : إنّ عقد النكاح يكون صحيحا إذا نوى الزوج التوقيت ، ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إيّاه يعد خداعا وغشّا وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت» (١).
أقول : نحن نفرض أنّ الزوجين رضيا بالتوقيت لبّا ، حتى لا يكون هناك خداع وغشّ ، فهو صحيح بلا إشكال.
الآية غير منسوخة
ثم إنّ جماعة من المفسّرين والمحدّثين بعد ما سلّموا نزول الآية في المتعة ودلالتها على مشروعيتها ، تخلّصوا عن القول بمشروعيتها الناسخة إلى أقوال :
فبين قائل بأنّها منسوخة ببعض الآيات ، وقائل بأنّها منسوخة بالسنة. والقائلون بكونها منسوخة بالقرآن اختلفوا بدورهم في الآيات الناسخة ، كما أنّ القائلين بأنّها نسخت بالسنّة اختلفوا كذلك في زمن النسخ اختلافا كثيرا. وهذه الاختلافات ، مع قرائن من التاريخ والسنّة ، تدلّ على عدم وقوع النسخ :
أ ـ الخلاف في الآيات الناسخة
ممّا يدلّ على عدم نسخ آية المتعة ، خلافهم في الآيات التي نسختها ، إلى أقوال ، لا يفي أيّ منها بالمدّعى :
__________________
(١) المنار ، ج ٣ ، ص ١٧.