الأمر العاشر
تصوّر النبي الأكرم للقيادة بعده
إنّ الكلمات المأثورة عن الرسول الأكرم ، تدلّ على أنّه صلىاللهعليهوآله كان يعتبر أمر القيادة بعده ، مسألة إلهية ، وحقا خاصّا لله جلّ جلاله ، فالله سبحانه هو الذي له أن يعين القائد ، وينصب خليفة الرسول ، ولا نجد في كل ما نقل عن النبي ما يدلّ على إرجاء الأمر إلى تشاور الأمّة ، أو اختيار أهل الحلّ والعقد ، أو بيعة الصحابة الحاضرين ، أو غير ذلك ، ويكفي في ذلك الشاهدين التاليين :
١ ـ لما دعا الرسول الأكرم بني عامر إلى الإسلام وقد جاءوا في موسم الحج إلى مكة ، قال رئيسهم : «أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك»؟.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «الأمر إلى الله ، يضعه حيث يشاء» (١).
فلو كان أمر الخلافة بيد الأمّة ، لكان على النبي صلىاللهعليهوآله أن يقول : الأمر إلى الأمّة ، أو إلى أهل الحلّ والعقد ، أو ما يشابه ذلك. فتفويض الأمر إلى الله سبحانه ، ظاهر في كونها كالنبوة ، يضعها سبحانه حيث يشاء ، قال تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢). فاللّسان في الموردين واحد.
__________________
(١) السيرة النبوية ، لابن هشام ، ج ٢ ، ص ٤٢٤.
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٢٤.