الأمر الحادي عشر
تصوّر الصحابة للخلافة بعد النبي
إنّ المتتبع في تاريخ الخلفاء الذين تعاقبوا على مسند الحكومة ، يرى بوضوح أنّهم كانوا يتّبعون الطريقة الانتصابية لا الانتخابية ، بالتشاور أو البيعة ، أو غير ذلك من المفاهيم التي حدثت في أيام خلافة الإمام أمير المؤمنين ، وإليك الشواهد.
١ ـ إنّ خلافة عمر تمّت بتعيين من أبي بكر ، وليس هذا خافيا على أحد. روى ابن قتيبة الدينوري ، أنّ أبا بكر دعا عثمان بن عفان ، فقال : أكتب عهدي ، فكتب عثمان :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة ، آخر عهده في الدنيا ، نازحا عنها ... إنّي أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ، فإن تروه عدل فيكم ، ظنّي به ورجائي فيه ، وإن بدّل وغيّر ، فالخير أردت ..» ثم ختم الكتاب ودفعه ، ودخل عليه المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنّه استخلف عمر (١).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ، ج ١ ، ص ١٨. ورواه ابن سعد في طبقاته الكبرى ، ج ٣ ، ص ٢٠٠ ، وابن الأثير في تاريخه «الكامل» ، ج ٢ ، ص ٢٩٢ باختلاف يسير وقد نقل موضوع استخلاف أبي بكر لعمر ، عدّة من أعلام التاريخ والحديث ، والكل يتحد جوهرا ، وأنّ التنصيب صدر من الخليفة الأول.