فمن كنت مولاه فهذا وليّه |
|
فكونوا له أتباع صدق مواليا |
هناك دعى اللهمّ وال وليّه |
|
وكن للذي عادى عليّا معاديا |
فلمّا سمع النبي أبياته قال : «لا تزال يا حسّان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك» (١).
هذا مجمل الحديث ، في واقعة الغدير ، وقد أصفقت الأمّة على نقله ، فلا نجد حديثا يبلغ درجته في التواتر والتضافر ، ولا في الاهتمام نظما ونثرا.
والاحتجاج به على إمامة عليّ عليهالسلام يتحقق ببيان الأمور التالية :
الأمر الأول : البلاغ الرسمي للولاية
إنّ النبي الأكرم أشاد بولاية علي ووصايته ، في حديث يوم الدار ، في مجتمع محدود ، لا يربو عددهم الأربعين. كما أشاد بخلافته عند توجّهه إلى تبوك ، أمام جماعة من الصحابة والمهاجرين ، وكان هذا وذاك ، وغيرهما ممّا صدر منه صلىاللهعليهوآله ، في ظروف مختلفة ، حول ولاية الإمام ، تهيئة للأذهان ، للإعلان الرسمي لهذه الولاية أمام الجموع الهائلة ، ليقف عليها القريب والبعيد ، والحاضر والبادي ، فقام بإبلاغ ذلك في ذلك المحتشد العظيم ، وأخذ منهم الإقرار والاعتراف ، وهنّأ الصحابة عليّا عليهالسلام ، بهذه المكرمة الإلهية ، فكان هذا إعلانا رسميا ، للأمّة جمعاء ، لا يصحّ لأحد إنكاره ، والتغاضي عنه. وسيوافيك دلالة الحديث بوجه واضح لا يدع لقائل كلمة ، ولا لمجادل شبهة.
* * *
__________________
(١) هذا من أعلام النبوة ، فقد علم أنّه سوف ينحرف عن إمام الهدى في أخريات أيّامه ، فعلّق دعاءه على ظرف استمراره في نصرته. وقد نقل هذه الأبيات عن حسان بن ثابت عدّة من أعلام المؤرخين والمحدّثين ، وإن حذف من ديوانه ، فحرّفت الكلم عن مواضعها ، ولعب بديوانه كما لعب بكثير من الدواوين ، كديوان الفرزدق ، وديوان كميت ، وديوان أبي فراس ، وديوان كشاجم ، التي حذفت منها ما يرجع إلى مدح أهل البيت ورثائهم.
لاحظ الغدير ، ج ٢ ، ص ٣٤ ـ ٤٢.