المبين ، ومن حسنات الدهر الخالدة ، جزاه الله خير الجزاء (١).
* * *
الأمر الثالث ـ دلالة الحديث
إنّ دلالة الحديث على إمامة مولانا أمير المؤمنين ، دلالة واضحة ، لم يشك فيها أي عربي صميم ، عصر نزول الحديث وبعده إلى قرون ، ولم يفهموا من لفظة المولى سوى معنى الإمامة ، وتتابع هذا الفهم فيمن بعدهم من الشعراء إلى أن ولّد الدهر إمام المشككين ، فجاء بتشكيكات ، كسائر تشكيكاته ، التي تاب منها عند احتضاره (٢).
والدلالة مركزة على أن لفظ المولى نصّ فيما نثبته من الإمامة بالوضع اللغوي ، أو بالقرائن المحتفة به. وعلى كلا التقديرين ، يكون الحديث حجة قاطعة في الإمامة ، ونحن نسلك كلا الطريقين.
الطريق الأول ـ الدلالة بالوضع اللغوي
إنّ «مفعل» ـ هنا ـ بمعنى «أفعل» ، ولفظ «مولى» أريد منه هنا الأولى ، سواء أقلنا إنّه المعنى الوحيد ـ كما سيوافيك ـ أو أحد معانيه ، كما في قوله سبحانه : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٣).
والمفسّرون للآية على فريقين منهم من حصر التفسير بأنّها أولى بكم ، ومنهم
__________________
(١) ومن أراد التبسط فعليه الرجوع إلى ما ذكرنا من المصادر ، وإلى كتاب «المراجعات» لمصلح الدين ، السيد شرف الدين العاملي رحمهالله.
(٢) لاحظ دائرة المعارف ، لفريد وجدي ، ج ٤ ، ص ١٤٩ ، وفيها أنّه قال : «وأمّا ما استكثرت من إيراد السؤالات ، فإنّي ما أردت إلّا تكثير البحث وتشحيذ الخاطر ، والاعتماد في الكلّ على الله تعالى».
(٣) سورة الحديد : الآية ١٥.