الأمر الثاني
هل الإمامة من الأصول أو الفروع؟
اتّفقت كلمة أهل السنة ، أو أكثرهم ، على أنّ الإمامة من فروع الدين.
قال الغزالي : «اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضا ليس من المهمات ، وليس أيضا من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات ، ثم إنّها مثار للتعصبات ، والمعرض عن الخوض فيها ، أسلم من الخائض فيها ، وإن أصاب ، فكيف إذا أخطأ؟ ولكن إذ جرّ الرسم باختتام المعتقدات بها ، أردنا أن نسلك منهج المعتاد ، فإنّ فطام القلوب عن المنهج ، المخالف للمألوف (١) ، شديد النّفار» (٢).
وقال الآمدي : «واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات ، ولا من الأمور اللّابدّيّات ، بحيث لا يسع المكلّف الإعراض عنها والجهل بها ، بل لعمري إنّ المعرض عنها لأرجى من الواغل فيها ، فإنّها قلّما تنفك عن التعصّب ، والأهواء ، وإثارة الفتن والشحناء ، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسّلف ، بالإزراء ، وهذا مع كون الخائض فيها سالكا سبيل التحقيق ، فكيف إذا كان خارجا عن سواء الطريق. لكن لمّا جرت العادة بذكرها في أواخر كتب المتكلمين ، والإبانة عن تحقيقها في عامة مصنفات الأصوليين ، لم نر من الصواب
__________________
(١) كذا في المصدر ، والظاهر أنّ «المخالف» صفة «الفطام» ، أو أنّ «المخالف» زائد.
(٢) الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٢٣٤.