العربية أبي تمّام ، وغيرهم ممّن يطول بذكرهم المقام (١).
إلى هنا تمّ الكلام حول الحديث متنا وسندا ، وهو يعرب عن حقيقة ناصعة من أجلى الحقائق الدينية ، وهي ثبوت الولاية لعلي بعد النبي ، ولا يرتاب فيها إلّا مغرض لا يرتاد الحقيقة ، أو غافل عن مصادر الحديث (٢).
ثم إنّ هاهنا سؤالين مهمّين ، ربما يدفع البعض بهما حديث الغدير ودلالته ، لا بدّ من ذكرهما ، والإجابة عنهما :
* * *
السؤال الأول : لما ذا أعرض الصحابة عن مدلول حديث الغدير؟
إنّ هاهنا اعتراضا على تواتر حديث الغدير ، أو دلالته على تنصيب عليّ في مقام الولاية والخلافة ، بأنّه لو كان الأمر كذلك ، فلما ذا لم يأخذه الصحابة مقياسا بعد النبي. وليس من الصحيح إجماع الصحابة ، وجمهور الأمّة على ردّ ما بلّغه النبي في ذلك المحتشد العظيم.
والجواب :
إنّ ذلك أقوى مستمسك لمن يريد التخلص من الاعتناق بالنصّ المتواتر الجلي في المقام ، ولكنه لو رجع إلى تاريخ الصحابة ، يرى لهذه الأمور نظائر كثيرة في حياتهم السياسية ، وليكن ترك العمل بحديث الغدير من هذا القبيل. وفيما يلي نذكر نماذج من هذا الاجتهاد المرفوض قبال النصّ.
١ ـ رزية يوم الخميس
كلّ من ألّم بالحديث والتاريخ ، يعرف حديث «رزية يوم الخميس» ،
__________________
(١) من أراد الوقوف على أشعارهم ، فليرجع إلى الغدير بأجزائه.
(٢) لقد استندنا في هذا البحث الضافي إلى كتاب الغدير ، فنقدر جهود شيخنا العلامة الأميني ، المغفور له.