فأجابه الحارث :
الله يعلم ما تركت قتالهم |
|
حتّى رموا فرسي بأشقر مزبد (١) |
فعلمت أنّي إن أقاتل واحدا |
|
أقتل ولا يبكي عدوّي مشهدي |
ففررت عنهم والأحبّة فيهم |
|
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد |
[الكامل]
ويقال : إن هذه الأبيات أحسن ما قيل في الاعتذار من الفرار.
قال الزّبير : ثم شهد أحدا مشركا حتى أسلم يوم فتح مكة ، ثم حسن إسلامه. قال : وحدثني عمي ، قال : خرج الحارث في زمن عمر بأهله وماله من مكة إلى الشام ، فتبعه أهل مكّة ، فقال : لو استبدلت بكم دارا بدار ما أردت بكم بدلا ولكنها النقلة إلى الله ، فلم يزل مجاهدا بالشام حتى ختم الله له بخير.
وله ذكر في ترجمة سهيل بن عمرو ، قال الواقديّ عند أهل العلم بالسير من أصحابنا أن الحارث بن هشام مات في طاعون عمواس.
وقال المدائنيّ : استشهد يوم اليرموك وكذا ذكره ابن سعد عن حبيب بن أبي ثابت.
وأما ما رواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ـ أنّ الحارث بن هشام كاتب عبدا له. فذكر قصة فيها : فارتفعوا إلى عثمان.
فهذا ظاهره أن الحارث عاش إلى خلافة عثمان ، لكن ابن لهيعة ضعيف ويحتمل أن تكون المحاكمة تأخرت بعد وفاة الحارث.
قال الزّبير : لم يترك الحارث إلا ابنه عبد الرحمن ، فأتى به وبناجية بنت عتبة بن سهل بن عمرو إلى عمر ، فقال : زوّجوا الشريدة بالشريد ، عسى الله أن ينشر منهما ، فنشر الله منهما ولدا كثيرا.
وكان الحارث يضرب به المثل في السؤدد حتى قال الشاعر :
أظننت أنّ أباك حين تسبّني |
|
في المجد كان الحارث بن هشام (٢) |
أولى قريش بالمكارم والنّدى |
|
في الجاهليّة كان والإسلام |
[الكامل]
__________________
(١) تنظر هذه الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (٤٥٤) وأسد الغابة البيت الأول فقط منها ترجمة رقم (٩٧٩) ، وفي ديوان حسان ٣٦٦.
(٢) ينظر البيتان في الاستيعاب ترجمة رقم (٤٥٢).