القسم الخامس : البدع المباحة ، وهي ما تناولته أدلة الإباحة وقواعدها من الشريعة ، كاتخاذ المناخل للدقيق ، ففي الآثار : أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم اتخاذ المناخل ، لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات فوسائله مباحة.
فالبدعة إذا عرضت تعرض على قواعد الشرع وأدلته ، فأي شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرهما ، وإن نظر إليها من حيث الجملة بالنظر إلى كونها بدعة مع قطع النظر فيما يتقاضاها كرهت ، فإن الخير كله في الاتباع ، والشر كله في الابتداع.
وذكر شيخه في قواعده في فصل البدع منها ـ بعد ما قسم أحكامها إلى الخمسة ـ أن الطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة إلى أن قال : «وللبدع الواجبة أمثلة».
أحدها : الاشتغال بالذي يفهم به كلام الله تعالى وكلام رسوله صلىاللهعليهوسلم ؛ وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب.
والثاني : حفظ غريب الكتاب والسنّة من اللغة.
والثالث : تدوين أصول الفقه.
والرابع : الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم.
ثم قال : وللبدع المحرمة أمثلة :
منها : مذهب القدرية ومذهب الجبرية والمرجئة والمجسمة ، والرد على هؤلاء من البدع الواجبة.
قال : وللمندوب أمثلة :
منها : إحداث الربط والمدارس وبناء القناطر.
ومنها : كل إحسان لم يعهد في الصدر الأول.
ومنها : الكلام في دقائق التصوف والكلام في الجدل.
ومنها : جمع المحافل ، للاستدلال في المسائل ، إن قصد بذلك وجهه تعالى.
قال : وللكراهة أمثلة :