كلامه ، فتراموا بالبطحاء ، حتى جعلت ما أبصر أديم السماء ، قال : وسمعنا صوتا من بعض حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقيل : هذا صوت أم المؤمنين ، قال : فسمعتها وهي تقول : ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرّق دينه واحتزب ، وتلت : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (١).
قال القاضي إسماعيل : أحسبه يعني بقوله : (أم المؤمنين) أمّ سلمة ، وأن ذلك قد ذكر في بعض الحديث ، وقد كانت عائشة في ذلك الوقت حاجّة.
وعن أبي هريرة أنها نزلت في هذه الأمة ، وعن أبي أمامة هم الخوارج.
قال القاضي : ظاهر القرآن يدل على أن كل من ابتدع في الدين بدعة من الخوارج وغيرهم فهو داخل في هذه الآية ، لأنهم إذا ابتدعوا تجادلوا وتخاصموا وتفرقوا وكانوا شيعا.
ومنها قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٢).
قرئ : فارقوا دينهم وفسر عن أبي هريرة أنهم الخوارج ، ورواه أبو أمامة مرفوعا.
وقيل : هم أصحاب الأهواء والبدع ، قالوا : روته عائشة رضي الله عنها مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذلك لأن هذا شأن من ابتدع حسبما قاله إسماعيل القاضي وكما تقدم في الآي الأخر.
ومنها قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) (٣).
فعن ابن عباس أن لبسكم شيعا هو الأهواء المختلفة ، ويكون على هذا قوله : (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) تكفير البعض للبعض حتى يتقاتلوا ، كما جرى للخوارج حين خرجوا على أهل السنة والجماعة وقيل معنى : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) ما فيه إلباس من الاختلاف.
__________________
(١) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.
(٢) سورة : الروم ، الآيتان : ٣١ ـ ٣٢.
(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ٦٥.