وقال مجاهد وأبو العالية : إن الآية لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم. قال أبو العالية : هن أربع ، ظهر اثنتان بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم بخمس وعشرين سنة ، فألبسوا شيعا وأذيق بعضكم بأس بعض ، وبقيت اثنتان ، فهما ولا بدّ واقعتان ، الخسف من تحت أرجلكم والمسخ من فوقكم ، وهذا كله صريح في أن اختلاف الأهواء مكروه غير محبوب ومذموم غير محمود.
وفيما نقل عن مجاهد في قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (١). قال في المختلفين : إنهم أهل الباطل ، (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : فإن أهل الحق ليس فيهم اختلاف.
وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال : لو كانت الأهواء واحدا لقال القائل : لعل الحق فيه ، فلما تشعبت وتفرقت عرف كل ذي عقل أن الحق لا يتفرق.
وعن عكرمة : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) يعني : في الأهواء ، (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) هم أهل السنة.
ونقل أبو بكر ثابت الخطيب عن منصور بن عبد الله بن عبد الرحمن قال : كنت جالسا عن الحسن ورجل خلفي قاعد فجعل يأمرني أن أسأله عن قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : نعم لا يزالون مختلفين على أديان شتى إلا من رحم ربك فمن رحم غير مختلف.
وروى ابن وهب ، عن عمر بن عبد العزيز ، ومالك بن أنس أن أهل الرحمة لا يختلفون.
ولهذه الآية بسط يأتي بعد إن شاء الله.
وفي البخاري عن عمر بن مصعب قال : سألت أبي عن قوله تعالى : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) (٢) هم الحرورية؟ قال : لا! هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذّبوا
__________________
(١) سورة : هود ، الآيتان : ١١٨ ـ ١١٩.
(٢) سورة : الكهف ، الآية : ١٠٣.