محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وأما النصارى فكذّبوا بالجنّة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) (١) ، وكان شعبة يسميهم الفاسقين.
وفي تفسير سعيد بن منصور ، عن مصعب بن سعد قال : قلت لأبي : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٢) ، أهم الحرورية؟ قال : لا! أولئك أصحاب الصوامع. ولكن الحرورية الذين قال الله فيهم : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٣).
وخرّج عبد بن حميد في تفسيره هذا المعنى بلفظ آخر عن مصعب بن سعد فأتى على هذه الآية : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) إلى قوله : (يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٤) ، قلت :
أهم الحرورية؟ قال : لا! هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكفروا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا : ليس فيها طعام ولا شراب ، ولكن الحرورية : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) (٥).
فالأول : لأنهم خرجوا عن طريق الحق بشهادة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأنهم تأولوا التأويلات الفاسدة ، وكذا فعل المبتدعة وهو بابهم الذي دخلوا فيه.
والثاني : لأنهم تصرفوا في أحكام القرآن والسنّة هذا التصرف.
فأهل حروراء وغيرهم من الخوارج قطعوا قوله تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٦) ، عن قوله : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) (٧) ، وكذا فعل سائر المبتدعة حسبما يأتيك بحول الله.
ومنه روى عمرو بن مهاجر قال : بلغ عمر بن عبد العزيز رحمهالله أن غيلان القدري
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٧.
(٢) سورة : الكهف ، الآية : ١٠٤.
(٣) سورة : الصف ، الآية : ٥.
(٤) سورة : الكهف ، الآيتان : ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٥) سورة : البقرة ، الآية : ٢٧.
(٦) سورة : الأنعام ، الآية : ٥٧.
(٧) سورة : المائدة ، الآية : ٩٥.