الفلك وجرى الشمس والكواكب. واذا ميّزت هذا وتوهّمت حركة الدهر ، فقد توهمت الزّمان المطلق ؛ وهذا هو الأبد السّرمد. وان توهّمت حركة الفلك ، فقد توهمت الزمان المحصور.
قلت : فأوجدنى للزمان المطلق حقيقة نتوهمها. فانّا اذا رفعنا حركات الفلك ومرّا لأيام والليالى وانقضاء (١) الساعات عن الوهم ، ارتفع الزمان عن الوهم ، فلا نعرف له حقيقة ، فأوجدنى حركة الدهر الّذي ذكرت أنّه الزمان المطلق.
قال : ألا ترى (٢) كيف ينقضى أمر هذا العالم بمر الزّمان : (طفّ طفّ ، طفّ)؟ هو شيء لا ينقضى (٣) ولا يفنى (٤) ، وهكذا حركة الدّهر اذا توهّمت الزّمان المطلق.
قلت : انّما ينقضى أمر العالم (٥) بمر الزّمان الّذي هو بحركات الفلك والعالم محدث والفلك محدث ، وانت مقرّ بذلك ؛ والزّمان من أسباب العالم وهو محدث معه ؛ ومرّ الزّمان وانقضاؤه (٦) مع انقضاء أمر العالم ، كما أنّ حدوثه مع حدوثه ؛ ولا نعرف للزمان حقيقة الّا ما ذكرنا من حركات الفلك والشّمس وعدد السّنين والأشهر والأيّام والسّاعات ؛ فاذا رفعت (٧) هذه عن الوهم ارتفع الزّمان ، فلا زمان كما ذكرنا. فإمّا أن تجعل هذه أيضا قديمة مع الزّمان حتى يكثر عدد الاشياء القديمة ، ويكون الفلك وما يدبّره داخلا فى هذه الجملة ؛ فيكون من ذلك الرجوع الى القول بقدم العالم.
أو (٨) تقرّ بأنّ الزمان محدث كما هذه محدثة. أو توجدنى (٩) للزمان انيّة غير هذه ،
__________________
(١) ـ انقضاء : انقطاع B (٢) ـ ترى : تراC (٣) ـ لا ينقضى : لا ينقض A (٤) ، لا يفنى : لا يفناC (٥) ـ امر العالم : امر هذا العالم B (٦) ـ انقضاؤه : انقضائه A (٧) ـ رفعت : عرفت C (٨) ـ او : وB (٩) توجدنى : توجد لى A