يسمى كسبا للعبد أو فعلا له ، فهو على سبيل التوسع والتجوز في الإطلاق ، والحركات الاختيارية والإرادية بمثابة الرعدة والرعشة.
والدليل على إثبات القدرة ، أن العبد إذا ارتعدت يده ، ثم إنه حركها قصدا ، فإنه يفرق بين حالته في الحركة الضرورية وبين الحالة التي اختارها واكتسبها ، والتفرقة بين حالتي الاضطرار والاختيار معلومة على الضرورة. ويستحيل رجوعها إلى اختلاف الحركتين ، فإن الضرورة مماثلة للاختيارية قطعا ؛ فكل واحدة من الحركتين ذهاب في الجهة الواحدة وانتقال إليها ، ولا وجه لادّعاء افتراقهما بصفة مجهولة تدّعى ، فإن ذلك يحسم طريق العلم بتماثل كل مثلين ؛ فإذا لم ترجع التفرقة إلى الحركتين ، تعين صرفها إلى صفة المتحرك.
ثم نسلك بعد ذلك سبيل السبر والتقسيم في إثبات القدرة ، على ما سبق التنبيه عليه عند محاولة الدليل على إثبات الأعراض ، فنقول : يستحيل رجوع التفرقة إلى نفس الفاعل من غير مزيد ، فإن الأمر لو كان كذلك لاستمرت صفة النفس ما دامت النفس.
فإذا رجعت التفرقة إلى زائد على النفس ولم يخل ذلك الزائد : إما أن يكون حالا ، أو عرضا. وباطل أن يكون حالا ، فإن الحال المجردة لا تطرأ على الجواهر ، بل تتبع موجودا طارئا كما قدمناه ؛ وإن كان ذلك الزائد عرضا ، يتعين كونه قدرة ، فإنه ما من صفة من صفات المكتسب غير القدرة إلا ويتصور ثبوتها مع انتفاء الاقتدار ، وتنتفي معظم الصفات المغايرة للقدرة ، مع ثبوت القدرة. ولسنا نستوعب الأقسام في مقدم الكلام ، بل نجتزئ بالتنبيه عليه.
فإن قيل : بم تنكرون على من يصرف التفرقة إلى ثبوت الإرادة والكراهية؟ قلنا : العاقل يفرق بين تحريكه يده وبين ارتعاده وإن لم يكن له إرادة في حالتي غفلته وذهوله.
فإن قيل : بم تردون على من يصرف التفرقة إلى صحة في الجارحة وبنية مخصوصة ، وإلى انتفائها؟ قلنا : هذا باطل من أوجه ، أقربها إلى غرضنا : أن الأيّد الصحيح البنية يفرق بين أن يحرك يد نفسه قصدا ، وبين أن يحرك الغير يده ، وإن كانت بنية يده في الحالتين على صفة واحدة. فإذا بطلت هذه الأقسام ، تعين التنصيص على القدرة ، وهذا سبيلنا في تعيين كل غرض ينازع فيه.
فصل
القدرة الحادثة عرض من الأعراض عندنا ، وهي غير باقية ، وهذا حكم جميع الأعراض عندنا ، وأطبقت المعتزلة على بقاء القدرة والدليل على استحالة بقاء جميع الأعراض أنها لو بقيت لاستحال عدمها.
ونفرض هذا الدليل في القدرة ثم نستبين اطراده فيما عداها ، فنقول : لو بقيت القدرة ثم قدّر عدمها لم يخل القول في ذلك : إما أن يقدر انتفاؤها بطريان ضد ، وهو مذهب المخالفين ؛ وإما أن