السبب ، ويمكننا تأصيل ذلك ضمن حالتين اثنتين من النزول القرآني ، وهما :
الحالة الأولى : خصوص اللفظ وخصوص السبب ... أي أن ينزل القرآن بلفظ الخصوص ، وفي سبب خاص ، فالعلماء يجمعون على أن العبرة بالنسبة له لخصوص السبب ، ولا خلاف.
الحالة الثانية : عموم اللفظ وخصوص السبب : أي أن ينزل القرآن بلفظ العموم ، وفي سبب خاص ، فأكثر العلماء على أن العبرة بالنسبة له هي لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
ويشترط في هذه الحالة أن يفيد اللفظ العموم في ظاهره ، وحقيقته ، أما إذا كان اللفظ يفيد العموم في ظاهره ، ولكنه يفيد الخصوص في حقيقته ، فإن العبرة في هذه الحالة ، تكون لخصوص السبب لا لعموم اللفظ ، وهنا تأتي الفائدة من معرفة سبب النزول ، حيث يستند إليه في تخصيص الحكم لا تعميمه ، وفي الحكم على أن العبرة لخصوص السبب.
مثال ذلك قوله تعالى :
(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران : ١٨٨)
فاللفظ في هذه الآية يفيد العموم في ظاهره ، ولكنه يفيد الخصوص في حقيقته ، فالعبرة فيه لخصوص السبب لا لعموم اللفظ.
وبعبارة أخرى : فاللفظ في هذه الآية ، ولو أنه يفيد العموم في ظاهره إلا أن معرفتنا بسبب النزول تجعل العبرة فيها لخصوص السبب لا لعموم اللفظ ، أي أن معرفة سبب النزول قصر حكم هذه الآية على الخصوص لا على العموم ، ومن ثم فإن حكم هذه الآية لا يتعدى السبب