الفصل الثالث
عموم اللفظ وخصوص السبب
وهذا يعني أن النزول القرآني جاء بلفظ العموم ، وفي سبب خاص.
أي أن الآية القرآنية نزلت بلفظ عام ، وكان سببها خاصا.
فالعبرة تكون لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ، وحكمها يتعدى السبب الذي نزلت فيه الآية إلى الأسباب الأخرى المناظرة.
فالاتفاق بين معظم العلماء على أن الآية القرآنية التي نزلت بلفظ العموم ، وفي سبب خاص يتعدى حكمها السبب الذي نزلت فيه إلى جميع الأسباب ، والحالات الأخرى المشابهة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «قد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم :
هذه الآية نزلت في كذا ، لا سيما إن كان المذكور شخصا كقولهم : إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت ، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله ، وان قولهم : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) (المائدة : ٤٩)
نزلت في بني قريظة ، والنضير ، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة ، أو في قوم من اليهود ، والنصارى ، أو في قوم من المؤمنين ، فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم. هذا لا يقوله مسلم ، ولا عاقل على الإطلاق ، والناس ، وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب ، هل يختص بسببه؟؟ فلم يقل أحد أن عمومات الكتاب ، والسنة تختص بالشخص المعين ، وإنما غاية ما يقال : إنها تختص بنوع ذلك الشخص ، فتعم ما يشبهه ، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ ، والآية التي لها سبب معين إن كانت أمرا ، أو نهيا ، فهي متناولة لذلك الشخص ، ولغيره من كانت بمنزلته ، وإن كانت خبرا بمدح ، أو بذم فهي متناولة لذلك الشخص ،