ب ـ إذا قال الراوي : «أحسب هذه الآية نزلت في كذا» أو «ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في كذا» ، فصيغة الراوي في هذين القولين ، هي صيغة محتملة للسببية ، أي لا تدل صراحة أن ما يقصده هو السبب ، وإنما تحتمل صيغته بيان السبب ، وبيان أمر آخر غير السبب ، وهو الأحكام التي تتضمنها الآية.
وعليه ، فإن صيغة النص المحتمل للسببية ، قد تفيد السببية ، وقد تفيد الأحكام التي تضمنتها الآية.
قال الزركشي في البرهان : «قد عرف من عادة الصحابة ، والتابعين أن أحدهم إذا قال : «نزلت هذه الآية في كذا» ، فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم ، لا أن هذا كان السبب في نزولها ، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآيات ، لا من جنس النقل لما وقع».
ولذلك لو قال راو : «نزلت هذه الآية في كذا» ، وقال آخر : «نزلت في غير ذلك» ، فإن كان اللفظ يحتمل كلا القولين حمل عليهما ، ولا تناقض في ذلك ، وإلا تعين ما يدل عليه اللفظ ، ويساعد السياق على فهمه.
وأما إذا قال أحد الراوين : «نزلت الآية في كذا» بهذا النص الصريح ، فالمعوّل عليه ما كان نصا ، فهو أولى بالتقديم مما كان محتملا.
ولنا القول : إن صيغة رواية الصحابي تكون أحيانا نصا صريحا ، وواضحا في السببية ، كقوله : «سبب نزول هذه الآية كذا» ، ففي هذه الحالة صرح بالسبب ، ويكون هو المقصود من الرواية.
وتكون رواية الصحابي أحيانا نصا محتملا في السببية ، كقوله : «نزلت هذه الآية في كذا» ، ففي هذه الحالة لم يصرح بالسبب ، فيكون المقصود من قوله : إما ذكر السبب ، وإما الحكم في الآية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «قولهم نزلت هذه الآية في كذا يراد