المقصد الثالث
في إثبات التحريف بالنقصان
الشاهد الأول : الآية الثالثة عشر من الباب الخامس عشر من سفر الخليقة هكذا : «وقيل له اعلم عالما أن نسلك سيكون ساكنا في غير أرضهم ويستعبدونهم ويضيّقون عليهم أربعمائة سنة». وهذه العبارة (يستعبدونهم ويضيّقون عليهم) وكذلك الآية الرابعة عشر من هذا الباب وهي هكذا «ولكن الشعب الذي يستعبدهم أنا أدينه ومن بعد هذا يخرجون بمال» تدلّان على أن المراد بالأرض أرض مصر ، لأن الذين استعبدوا وضيّقوا على بني إسرائيل فدانهم الله ، فخرج بعد هذا بنو إسرائيل بمال جزيل ، هم أهل مصر لا غيرهم. لأن هذه الأمور لا توجد في غيرهم. والآية الأربعون من الباب الثاني عشر من كتاب الخروج هكذا «فكان جميع ما سكن بنو إسرائيل في أرض مصر أربعمائة وثلاثين سنة». فبين الآيتين اختلاف. فإما أسقط من الأولى لفظ ثلاثين ، وإما زيد في الثانية. ومع قطع النظر عن هذا الاختلاف والتحريف ، أقول : إن بيان المدة في كلتيهما غلط يقينا لا ريب فيه لأمور : الأول ، ان موسى عليهالسلام ابن بنت لاوي ، وابن ابن ابن لاوي أيضا ، لأنه ابن يوخايذ بنت لاوي من جانب الأم ، وابن عمران بن قاهث بن لاوي من جانب الأب. فعمران كان تزوّج عمّته ، كما هو مصرّح به في الباب السادس من سفر الخروج والباب السادس والعشرين من سفر العدد. وقاهث جدّ موسى عليهالسلام قد ولد قبل مجيء بني إسرائيل إلى مصر ، كما هو مصرّح به في الآية الحادية عشر من الباب السادس والأربعين من سفر الخليقة. فلا يمكن أن يكون مدة إقامة بني إسرائيل بمصر أكثر من مائتين وخمس عشرة سنة. الثاني : ان مؤرّخيهم ومفسّريهم متّفقون على أن مدة سكون بني إسرائيل كانت مائتين وخمس عشرة سنة. من تصنيفات علماء بروتستنت كتاب باللسان العربي مسمّى ب «مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين» وكتب على عنوانه : (طبع في مطبعة مجمع كنيسة الإنكليز الأسقفية في