بالإلهام. وهؤلاء الناس ، وإن كانوا في باب الدين في غاية الاجتهاد ، لكنهم مع ذلك ما يعلمون اللسان العبري الذي هو أصل الكتب ، وكانوا راضين بهذه الترجمة وكانوا يفهمونها كافية في جميع مطالبهم ، والكنيسة اليونانية كانت تعتقدها كتابا مقدسا وتعظّمها». ثم قال : «وهذه الترجمة كانت تقرأ في الكنيسة اليونانية واللّاطينية إلى ألف وخمسمائة. وكان السند يؤخذ منها ، وكانت هذه معتبرة في معابد اليهود في أول القرن ثم لمّا استدلّ المسيحيون عليهم من هذه الترجمة ، أطالوا ألسنتهم على هذه بأنها ليست موافقة للمتن العبري ، وجعلوا في ابتداء القرن الثاني يسقطون الفقرات الكثيرة منها ، ثم تركوها واختاروا ترجمة أيكوئلا. ولمّا كانت مستعملة في اليهود إلى أول القرن المسيحي ، وفي المسيحيين إلى مدة ، فكثرت نقولها ووقعت فيها الأغلاط بسبب تحريف صدر عن اليهود قصدا ، وكذلك بسبب غلط الكاتبين ودخول عبارة الشرح والحاشية في المتن». انتهى بقدر الحاجة. وقال وارد من علماء كاتلك في الصفحة ١٨ من كتابه المطبوع سنة ١٨٤١ : «إن ملحدي المشرق حرّفوها». انتهى. فثبت من إقرار محقّق فرقة بروتستنت أن اليهود حرّفوها قصدا حيث قال أولا : (جعلوا في ابتداء القرن الثاني يسقطون الفقرات الكثيرة منها) ثم قال ثانيا : (بسبب تحريف صدر عن اليهود قصدا). وهذا التحريف صدر عنهم لأجل عناد الدين المسيحي كما هو مصرّح في كلام المحقّق المذكور. فلا مجال لفرقة بروتستنت أن ينكروا التحريف القصدي الذي صدر عن اليهود في هذه الترجمة ، وعند فرقة كاتلك أيضا التحريف القصدي فيها مسلّم. فالفرقتان في الاعتراف بهذا التحريف متّفقتان. فأقول على قول فرقة بروتستنت ، إذا حرّفت اليهود لعناد الدين المسيحي هذه الترجمة المشهورة التي كانت مستعملة في جميع معابدهم إلى أربعمائة سنة ، وكذا في جميع معابد المسيحيين شرقا وغربا ، وما خافوا الله ولا طعن الخلق ، وأثر تحريفهم في هذه النسخة المشورة ، فكيف لا يجزم أنهم حرّفوا بالتحريف القصدي النسخة العبرانية التي في أيديهم. ولم تكن منتشرة بين المسيحيين ، بل لم تكن مستعملة فيما بينهم إلى القرن الثاني؟ وأثر تحريفهم سواء كان ذلك التحريف إما لأجل عناد الدين المسيحي كما قال القدماء وأكستائن على ما عرفت ، وكما اختار آدم كلارك على ما عرفت في الشاهد الثاني والعشرين من المقصد الأول وفي القول الثاني عشر ، وكما اعترف به هورن مع تعصّبه في ستّة مواضع في اثنتي عشرة آية على ما عرفت في الشاهد الثالث والعشرين من المقصد الأول ، وفي القول الثالث عشر ، وإما لأجل عناد السامريين ، كما هو مختار كني كات وآدم كلارك وكثير من العلماء ، وكما عرفت في الشاهد الثالث من المقصد الأول في القول العاشر ، وإما للعناد الذي كان فيما بينهم ، كما صدر عن فرق المسيحيين في القرن الأول وبعده ، كما عرفت في الأقوال السابقة. وستعرف في القول الثلاثين إن هذا التحريف