أقول أولا : إن في هذه المغالطة دعوتين : الأولى : ان هذه النّسخ الموجودة كتبت قبل محمد صلىاللهعليهوسلم ، والثانية : انها موافقة لنسخنا. وكلتاهما غير صحيحتين. أما الأولى ، فلأنك قد عرفت في القول العشرين من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى أنه لم يصل إلى مصحّحي العهد العتيق نسخة عبرانية كتبت في المائة السابعة والثامنة ، بل لم تصل إليهم نسخة عبرانية كاملة تكون مكتوبة قبل المائة العاشرة. لأن النسخة القديمة التي حصرت لكني كات هي نسخة تسمى بكودكس لاديانوس ، وقال : إنها كتبت في المائة العاشرة ؛ وقال موشيو دي روسي : إنها كتبت في المائة الحادية عشر. ولمّا طبع واندرهوت النسخة العبرانية بادّعاء التصحيح الكامل ، خالف هذه النسخة في أربعة عشر ألف موضع ، منها أزيد من ألف موضع في التوراة فقط. فانظر إلى كثرة غلطها. وأما نسخ الترجمة اليونانية فثلاث منها قديمة عندهم جدا. الأولى كودكس إسكندريانوس ، والثانية كودكس واطيكانوس ، والثالثة كودكس إفريمي. والأولى موجودة في لندن ، وكانت هذه النسخة عند المصحّحين في المرتبة الأولى من النسخ معلّمة بعلامة الأول. والثانية موجودة في بلدة روما من إقليم أطالية ، وكانت عند المصحّحين في المرتبة الثانية ومعلّمة بعلامة الثاني. والثالثة موجودة في بلدة يارس وفيها كتب العهد الجديد فقط ، وليس فيها كتاب من كتب العهد العتيق. ولا بدّ من بيان حال هذه النسخ الثلاث. فأقول : قال هورن في المجلد الثاني من تفسيره في بيان كودكس إسكندريانوس : «هذه النسخة في أربعة مجلدات. ففي المجلدات الثلاثة الأولى الكتب الصادقة والكاذبة من كتب العهد العتيق ، ويوجد في المجلد الرابع العهد الجديد والرسالة الأولى لكليمنت إلى أهل قورنثيوس والزبور الكاذب المنسوب إلى سليمان عليهالسلام». انتهى. ثم قال : «وتوجد قبل الزبور رسالة اتهاني سيش ، وبعده فهرست ما يقرأ في صلاة كل ساعة ساعة من الليل والنهار ، وأربعة عشر زبورا إيمانيا الحادي عشر منها في نعت مريم رضي الله عنها ، وبعضها كاذبة وبعضها مأخوذة من الإنجيل. ودلائل يوسي بيس مكتوبة على الزبورات وقوانينه على الأناجيل. وبالغ البعض في مدح هذه النسخة والبعض الآخرون في ذمّها. ورئيس أعدائها وتستين ، وفي قدامتها كلام. فظن كريب وشلز هكذا لعلّ هذه النسخة كتبت في آخر المائة الرابعة. وقال ميكايلس هو حدّ قدامتها ولا يمكن أن يفرض أقدم منه ، لأن رسالة اتهاني سيش توجد فيها. وفهم أودن أنها كتبت في القرن العاشر. وقال وتستين إنها كتبت في القرن الخامس ، وظن هكذا لعلّ هذه نسخة من النسخ التي جمعت في إسكندرية سنة ٦١٥ لأجل الترجمة السريانية. وفهم داكتر سملر أنها كتبت في القرن السابع. وقال مونت فاكن لا يمكن أن يقال جزما في حق نسخة من النسخ ، إسكندريانوس كانت أو غيرها ، أنها كتبت قبل القرن السادس. وقال ميكايلس إنها كتبت في زمان صار لسان أهل مصر فيه