النّسخ التي جمعت في إسكندرية لتصحيح الترجمة السريانية لكن لا دليل على هذا الأمر. واستدلّ بالحاشية التي على الآية السابعة من الباب الثامن من الرسالة العبرانية أن هذه النسخة كتبت في سنة ٥٤٢ ، لكن ميكايلس لا يفهم استدلاله قويّا ، ويقول : بهذا القدر فقط إنها قديمة ، وقال مارش كتبت في القرن السابع». انتهى.
فظهر لك أنه لم يوجد دليل قطعي على أن هذه النسخ كتبت في القرن الفلاني ، وليس مكتوبا في آخر كتاب من كتبها أيضا أن كاتبه فرغ في السنة الفلانية ، كما يكون هذا مكتوبا في آخر الكتب الإسلامية غالبا. وعلماؤهم يقولون رجما بالغيب بالظن الذي نشأ لهم عن بعض القرائن : لعلها كتبت في قرن كذا أو قرن كذا. ومجرد الظن والتخمين لا يتمّ دليلا على المخالف. وقد عرفت أن أدلّة القائلين بأن نسخة إسكندريانوس كتبت في القرن الرابع أو الخامس ضعيفة منقوضة ، وظنّ سملر أيضا بعيد. لأن تغيّر لسان إقليم بلسان إقليم آخر في مدة قليلة خلاف العادة. وقد تسلّط العرب على إسكندرية في القرن السابع من القرون المسيحية لأنهم تسلّطوا في السنة العشرين من الهجرة على الأصح ، إلّا أن يكون مراده آخر هذا القرن. ودليل ميكايلس سالم عن الاعتراض ، فلا بدّ أن يسلّم. فهذه النسخة لا يمكن أن تكون مكتوبة قبل القرن الثامن. والأغلب ، كما قال أودن : إنها كتبت في القرن العاشر الذي كان بحر التحريف فيه موّاجا ، ويؤيده أن هذه النسخة تشتمل على الكتب الكاذبة أيضا. فالظاهر أن كاتبها كان في زمان كان فيه تمييز الكاذب عن الصادق متعسّرا. وهذا كان على وجه الكمال في القرن العاشر. وان بقاء القرطاس والحروف على ألف وأربعمائة سنة أو أزيد مستبعد عادة ، سيما إذا لاحظنا أن طريقة المحافظة وكذا طريقة الكتابة في الطبقات الأول ما كانتا جيّدتين. وردّ ميكايلس استدلال وتستين في حق كودكس إفريمي ، وعرفت قول مونت فاكن وكني كات أيضا ، وعرفت قول ديوين في حق كودكس واطيكانوس ، وقول مارش في حق كودكس إفريمي أنهما كتبتا في القرن السابع ، فظهر أن الدعوى الأولى ليست بثابتة ، لأن ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم على آخر القرن السادس من القرون المسيحية. وإذا ثبت أن كودكس إسكندريانوس تشتمل على كتب كاذبة أيضا ، وأن البعض ذمّها ذمّا بليغا ، وتستين رئيس أعدائه الذامّين. ولا يوجد الاختلاف بين نسختين من نسخ العهد العتيق والجديد مثل الاختلاف الذي يوجد بين كودكس إسكندريانوس وكودكس واطيكانوس. ظهر أن الدعوى الثانية أيضا ليست بصحيحة.
وأقول ثانيا لو قطعنا النظر عمّا قلنا ، وفرضنا أن هذه النّسخ الثلاث كتبت قبل محمد صلىاللهعليهوسلم ، فلا يضرّنا ، لأنّا لا ندّعي أن الكتب المقدسة لهم كانت غير محرّفة إلى زمان ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبعد ذلك حرّفت ، بل ندّعي أن هذه الكتب كانت قبل ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم ،