الجزء الثاني
الفصل الثاني
في إبطال التثليث بأقوال المسيح عليهالسلام
القول الأول : في الآية الثالثة من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا ، قول عيسى عليهالسلام في خطاب الله هكذا : «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته». فبيّن عيسى عليهالسلام أن الحياة الأبدية عبارة عن أن يعرف الناس أن الله واحد حقيقي ، وأن عيسى عليهالسلام رسوله. وما قال (١) ان الحياة الأبدية أن يعرفوا أن ذاتك ثلاثة أقانيم ممتازة بامتياز حقيقي ، وأن عيسى إنسان وإله ، أو أن عيسى إله مجسّم. ولما كان هذا القول في خطاب الله في الدعاء ، فلا احتمال هاهنا للخوف من اليهود. فلو كان اعتقاد التثليث مدار النجاة لبيّنه. وإذ ثبت أن الحياة الأبدية اعتقاد التوحيد الحقيقي لله واعتقاد الرسالة للمسيح ، فضدهما يكون موتا أبديا وضلالا بيّنا البتة. والتوحيد الحقيقي ضدّ للتثليث الحقيقي ، كما عرفت مفصلا في الفصل الأول. وكون المسيح رسولا ضدّ لكونه إلها ، لأن التغاير بين المرسل والمرسل ضروري. وهذه الحياة الأبدية توجد في أهل الإسلام بفضل الله ، وأمّا غيرهم فالمجوس ومشركو الهند والصين محرومون منها لانتفاء الاعتقادين فيهم. وأهل التثليث من المسيحيين محرومون منها لانتفاء الاعتقاد الأول. واليهود كافة محرومون منها لانتفاء الاعتقاد الثاني.
القول الثاني : في الباب الثاني عشر من إنجيل مرقس هكذا : «٢٨ فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون ، فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله أية وصية هي أول الكل؟ ٢٩ فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ٣٠ وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الأولى ٣١ وثانية
__________________
(١) ما : النافية. ينفي عن خطاب الله أن الحياة.