الفصل الثالث
في إثبات صحة الأحاديث النبوية المروية
في كتب الصحاح من كتب أهل السنة والجماعة
وهذا الفصل مشتمل على ثلاث فوائد :
الفائدة الأولى : جمهور أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين كانوا يعتبرون سلفا وخلفا الروايات اللسانية كالمكتوب ، بل جمهور اليهود يعتبرونها اعتبارا أزيد من المكتوب ، وفرقة كاتلك تعتبرها مساوية له ، وتعتقد أنّ كليهما واجبا التسليم ، واصلان للإيمان. وجمهور پروتستنت من المسيحيين أنكروها ، كما أنكرها الصادوقيون من فرقة اليهود. وهؤلاء المنكرون من پروتستنت كانوا مضطرين في إنكارها ، لأنهم لو لم ينكروها لما أمكن لهم بيان أصول ملتهم وعقائدهم الجديدة. لكنهم مع ذلك يحتاجون إليها في مواضع كثيرة ، ويوجد سند اعتبارها من كتبهم المقدسة ، كما سيظهر لك جميع هذه الأمور إن شاء الله تعالى.
قال آدم كلارك في شرح ديباجة كتاب عزرا في المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ١٧٥١ : «قانون اليهود كان منقسما على نوعين : مكتوب ، ويقولون له التوراة ، وغير مكتوب ، ويقولون له الروايات اللسانية التي وصلت إليهم بواسطة المشايخ ويدّعون أن الله كان أعطى موسى كلا النوعين على جبل الطور ، فوصل إلينا أحدهما بواسطة الكتابة ، وثانيهما بواسطة المشايخ بأن نقلوها جيلا بعد جيل ولهذا يعتقدون أن كليهما مساويان في المرتبة ومن جانب الله واجبا التسليم ، بل يرجحون الثاني ، ويقولون ان القانون المكتوب ناقص مغلق في كثير من المواضع ، ولا يمكن أن يكون أصل الإيمان على الوجه الكامل بدون اعتبار الرواية اللسانية. وهذه الرواية واضحة وأكمل وتشرح القانون المكتوب وتكمله. ولهذا يردون معاني القانون المكتوب إذا كانت مخالفة للروايات اللسانية. واشتهر فيما بينهم أن العهد المأخوذ من بني إسرائيل ما كان لأجل القانون المكتوب ، بل كان لأجل هذه الروايات اللسانية. فكأنهم بهذه