السنة الأربعين من خروج مصر وأخبرهم بموته وأمر بأن أحدا إن نسي قولا من القانون الإلهي الذي وصل بواسطتي إليه يجيء إليّ ويسألني ، وكذلك إن كان لأحد اعتراض على قول من أقوال القانون يجيء إليّ لأرفع ذلك الاعتراض. وكان مشتغلا بالتعليم إلى حياته الباقية ، يعني من أول الشهر الحادي عشر إلى السادس من الشهر الثاني عشر ، وعلم القانون المكتوب وغير المكتوب وأعطى بني إسرائيل من القانون المكتوب ثلاث عشرة نسخة مكتوبة بيده ، بأن أعطى كل فرقة فرقة نسخة نسخة لتبقى محفوظة فيما بينهم جيلا بعد جيل ، وأعطى بني لاوي نسخة أخرى أيضا لتبقى محفوظة أيضا في الهيكل ، وقرأ القانون غير المكتوب أعني الروايات اللسانية على يوشع وصعد على جبل نبو في اليوم السابع من الشهر ومات هناك وفوّض يوشع بعد موت موسى هذه الروايات إلى المشايخ ، وهم فوّضوا إلى الأنبياء. فكان نبيّ يوصلها إلى نبي آخر إلى أن أوصل أرمياء إلى باروخ ، وباروخ إلى عزرا ، وعزرا إلى مجمع العلماء الذين كان شمعون صادق آخرهم ، وهو أوصل إلى اينيتي كونوس ، وهو إلى يوثي بن يختان ، وهو إلى يوسي بن يوسير ، وهو إلى نتهان الأريلي ويوشع ابن برخيا ، وهما إلى يهودا بن يحيى وشمعون بن شطاه ، وهما إلى شمايا وأبي طليون ، وهما إلى هلل وهو إلى ابنه شمعون ، والمظنون أن شمعون هذا هو شمعون الذي أخذ ربنا المنجي على اليدين إذ جاءت مريم به إلى الهيكل بعد ما تمّت أيام تطهيرها ، وهو أوصل إلى كملئيل ابنه ، وكملئيل هذا هو الذي تعلّم منه بولس ، وهو أوصل إلى شمعون ابنه ، وهو إلى كملئيل ابنه ، وهو إلى شمعون ابنه وهو إلى رب يهودا حق دوش ابنه. وجمع يهودا هذا هذه الروايات في كتاب سماه مسنا».
انتهى. ثم قال : «إن اليهود يعظمون هذا الكتاب تعظيما بليغا ويعتقدون أن ما فيه هو كله من جانب الله أوحي إلى موسى على جبل سيناء ، مثل القانون المكتوب. ولهذا هو واجب التسليم مثله. ومنذ صنف هذا الكتاب صار رائجا بينهم رواجا تاما بالدرس والتدريس ، وكتب عليه علماؤهم الكبار شرحين أحدهما في القرن الثالث في أورشليم ، والثاني في ابتداء القرن السادس في بابل واسم كل من هذين الشرحين كمرا لان ـ معنى كمرا في اللغة الكمال ـ وقد حصل التوضيح التام للمتن في هذين الشرحين في ظنهم ، وإذا جمع الشرح والمتن يقال لهذا المجموع طالموت ، ويقال للتمييز طالموت أورشليم وطالموت بابل. وكان مذهبهم الرائج الآن كله مندرجا في هذين الطالموتين اللذين كتب الأنبياء خارجة عنهما. ولما كان طالموت أورشليم مغلقا ، فلذلك الآن اعتبار طالموت بابل عندهم زائد». انتهى.
وقال هورن في الباب السابع من الحصة الأولى من المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ١٨٢٢ : «مسنا كتاب مشتمل على روايات اليهود المختلفة وشروح متون الكتب المقدسة وظنهم في حقه أن الله لما أعطى موسى التوراة على جبل طور سيناء أعطاه هذه الروايات أيضا